للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقلقني حبها وصيرني ... أحدوثة في جميع جاراتي

ثم انتقل من هذا إلى وصف الناقة والمدح، فقال:

ومهمة قد قطعت طامسة ... قفر على الهول والمحاماة

بحرة جسرة عذافرة ... خوصاء غيرانة علنداة (١)

تبادر الشمس كلما طلعت ... بالسير تبغي بذاك مرضاتي

يا ناق خبي بنا ولا تعدي ... نفسك مما ترين راحات

حتى تناخي بنا إلى ملك ... توجه الله بالمهابات

عليه تاجان فوق مفرقه ... تاج جلال وتاج إخبات

يقول للريح كلما عصفت ... هل لك يا ريح في مباراتي؟

من مثل ابن عم الرسول ومن ... أخواله أكرم الخئولات

وقد كان أبو العتاهية كما قدمنا رجلا لينا فلا يستغرب مجيء مثل هذا الكلام منه. وقد قدم صاحب الأغاني هذه القطعة من تائيته في وصف الناقة والمدح بقوله: "وقال حين جد". وفي هذه الكلمة القصيرة من النقد النافذ ما فيها.

ومما يدل على أن المنسرح كان من مستخفات البحور لدى الطبقة الأولى من البغداديين أن الخريمي ألف منه قصيدة فيها مائة وخمسة وثلاثون بيتًا يصف بها الفتنة ببغداد أيام الأمين والمأمون. ولولا ما آنسه من استخفاف الناس لهذا البحر ما اجترأ على الإطالة فيه هكذا، وهو بمعرض نظم يريده أن ينفق بينهم ويكثر منشدوه.

وفي إيراد الطبري لكلمته الطويلة هذه على تمامها في كتاب تاريخ الأمم


(١) جسرة: جسور، عذافرة: قوية، خوصاء: تميل ببصرها. غير أنه: كالعير في السرعة والصبر، علنداة: قوية.

<<  <  ج: ص:  >  >>