للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا هل رأيت الثكلي مولولة ... في الطرق تسعي والجهد باهرها

في إثر نعش عليه واحدها ... في صدره طعنة يبادرها

وقد رأيت الفتيان في عرصه المعرك معفورة مناخرها

ولا يخفى أن هذه الكلمة مرثية ونوح على بغداد. ومع أن غرضها جاد، فإن الشاعر قد أوردها على هذا المذهب المنسرحي نزولًا على حكم البيئة، وجريًا مع طبيعة الذوق البغدادي الناعم.

ومن منسرحيات المولدين التي تجري هذا المجري النائح قول مطيع بن إياس يرثي يحي بن زياد:

يأهل بكوا لقلبي القرح ... وللدموع الهوامل السفح

راحوا بيحيى إلى مغيبة ... في القبر بين التراب والصفح

راحوا بيحيى ولو تطاوعني الـ ... ـأقدار لم يبتكر ولم يرح

يا خير من يحسن البكاء له اليوم ومن كان أمس للمدح (١)

وقول الأخرى ترثي زوجها:

أبكيك لا للنعيم والأنس ... بل للمعالي والرمح والفرس

أبكي على فارس فجعت به ... أرملني قبل ليلة العرس

يا فارسًا بالعراء مطرحًا ... خانته قواده مع الحرس

من لليتامى إذا هم سغبوا ... وكل عان وكل محتبس

أم من لبر من لفائدة ... أم من لذكر الإله في الغلس (٢)


(١) الكامل للمبرد ٢ - ٣٠٧، قوله الصفح: جمع صفيح، وهو الأجر يوضع في القبر - قوله لم يبتكر ولم يرح، هكذا في الأصل، وأظن الرواية "لم تبتكر ولم ترح"، والضمير يعود على الأقدار - ولعله عنى لم يبتكر به الدافنون إلى القبر ولم يروحوا، على البناء للمجهول.
(٢) الغلس: الفجر قبل أن يسفر.

<<  <  ج: ص:  >  >>