للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دع عنك هذا إذا انتقلت إلى المدح وشب سهله بمقتضبه (١)

إني لذو ميسم يلوح على ... صعود هذا الكلام أو صببه (٢)

لست من العيس أو أكلفها ... سيرًا يداوي المريض من وصبه

إلى المصفى مجدًا أبي الحسن انصعن انصياع الكدري في قربه (٣)

وهذا كلام يجفو عن رقة المنسرح كما جفت رائية زهير "دع ذا وعد القول في هرم" عن السريع. وقس كلام أبي تمام هذا إلى جانب كلمة ابن قيس الرقيات التي يقول فيها:

أمك بيضاء من قضاعة في البيت الذي يستظل في طنبه

وتأمل ما في هذا من السلاسة وما عند حبيب من التكلف تجد فرقًا عظيمًا، شبيهًا بما بين كلام زهير والمسيب بن علس في الرائيتين الحذاوين. ولم يأت أبو تمام بما يستحسن في بائبته هذه إلا بقوله:

نرمي بأشباحنا إلى ملك ... نأخذ من ماله ومن أدبه

وهذا سرقه من قول بشار بمدح نفسه (٤):

تلعابة تعكف النساء به ... يأخذن من جده ومن لعبه

يزدحم الناس كل شارقة ... ببابه مشرعين في أدبه


(١) المقتضب: عنى به ما ينتقل فيه الشاعر من الفصيد، من النسيب إلى المدح بلا تخلص، والسهل ما يتخلص فيه. هذا فيما يبدو لي- فانظر في شرح التبريزي.
(٢) الميسم: إما العلامة والطابع وإما الجمال- قال عمرو بن كلثوم: «خلطن بميسم حسبا ودينا»
(٣) الانصياع: الإسراع. الكدري: ضرب من القطا. القرب: بالتحريك: هو المسير إلى الماء من مسافة ليلة.
(٤) ديوانه ١: ١٦٠ - ٤ - ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>