إذا نزل المقدار لم يك للقطا ... نهوضٌ ولا للمخدرات إباء
وكأن قد نظر من طرف خفي ههنا إلى قول بشار:
عسر النساء إلى مياسرة ... والصعب يمكن بعد ما جمحا
{فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} نعوذ بالله من ذلك ومن الشيطان الرجيم عياذًا.
ومثل القطع التي هجا أو عرض فيها بطارق وهو امرؤ ارتد عن الإسلام فتنصر وقد كان فيما يبدو من حفظة القرآن، وجاوز الثلاثين وتنصر بعد وفاة أمه، فقال أبو العلاء:
ألا هل أتى قبر الفقيرة طارق ... ينبئها بالغيب عن فعل طارق
تنصر من بعد الثلاثين ضلة ... وكم لاح شيب قبلها في المفارق
وكان امرأ ما لم يخل من روح تعصب كره ضلة هذه فجعل مكانها «حجة» في إحدى طبعات اللزوميات، وليست بشيء إذ في الثلاثين دلالة على أنها سنوات. وقد تلتبس حجة بمعنى الحج وليس هذا مراد المعري. وإنما مراده الإشارة إلى ما فسروا به قوله تعالى {غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} فالمغضوب عليهم اليهود والضالون النصارى.
وبلغني في عصورنا هذه عن بعض أهل بلاد المسلمين بأفريقية حج ثم استزله الشيطان فتنصر مرجعه من الحج وحول زاويته فصارت كنيسة وتابعه على ذلك نفر فأدر عليهم مات صنعوا بعض أخلاف الدنيا {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}.