للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال هذا في مسيره إلى مؤتة وبها استشهد وبيده اللواء رحمه الله ورضي عنه وأرضاه.

وإذن فالذي ينبغي أن يؤخذ على الأشعار التي يزعم أنه يراد به وجه الحق ثم توجد ضعيفة أنها لم تصدر عن حرارة عاطفة أو عن ملكة جيدة- وإذ ملكة أبي العلاء لا ريب في جودتها، فالذي يؤخذ عليه الوجه الأول مع ما صحب ذلك من الصناعة وتعب العمل.

ثانيًّا: إن أبا العلاء في اللزوميات وفي كثير مما نظمه، لم يعط الشعر من انطلاق النفس وقيادها كمثل ما أعطاه الشعر من الملكة والمقدرة على تجويد الصناعة. وقد فطن رحمه الله إلى هذا الجانب من نفسه إذ قال:

خليلي لا يخفى انحساري عن الصبا ... فحلا إساري قد أضر بي الربط

كان أبو العلاء عالمًا ذكيًّا حر الفكر وقد اتهم بالزندقة وكتب الأدب والتراجم التي تذكره يذكر فيها الاستشهاد بما يريب من مقالاته مثل:

هفت الحنيفة والنصارى ما اهتدت ... ويهود حارث والمجوس مضللة

اثنان أهل الأرض ذو عقلٍ بلا ... دين وآخر دينٌ لا عقل له

ومثل:

أتى عيسى فأبطل دين موسى ... وجاء محمد بصلاة خمس

وقبل يجيء دينٌ بعد هذا ... فأودى الناس بين غد وأمس

ويقال إن الإمبراطور فردريك الثاني (٥٨٩ - ٦٤٧ هـ- ١١٩٤ - ١٢٥٠ م) كان يتمثل بمعنى أبيات المعري هذه قالوا وكان يعرف العربية وقيل كان مسلمًا في السر. وقد حاربته كنيسة روما ثم حاربت أسرته من بعده حربًا كبيرة لا هوادة فيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>