والحجاز ما يؤمنه ألا يؤاخذه على مقالته هذه من يغضب لها من خادمي البيت الحرام، وعسى ألا تبلغهم.
وازن بين تحرز أبي العلاء وبين جسارة أبي الطيب حيث يقول:
بأي لفظ تقول الشعر زعنفةٌ ... تجوز عندك لا عرب ولا عجم
يا أعدل الناس إلا في معاملتي ... فيك الخصام وأنت الخصم والحكم
أعيذها نظرات منك صادقة ... أن تحسب الشحم فيمن شحمه ورم
فهذه مواجهة صارحة وقد قاتل مقالًا بمشهد من زعانف الشعر المعنيين بهذا الهجوم وذوي الورم المحسوم أنه شحم.
وقال بشامة بن الغدير وهو جاهلي. خال زهير بن أبي سلمى:
وخبرت قومي ولم ألقهم ... أجدوا على ذي شويسٍ حلولا
فأمل هلكت ولم آتهم ... فأبلغ أماثل سهم رسولا
بأن قومكم خيروا خصلتين ... كلتاهما جعلوها عدولا
خزي الحياة وحرب الصديق ... وكلا أراه طعامًا وبيلا
فإن لم يكن غير إحداهما ... فسيروا إلى الموت سيرًا جميلًا
ولا تقعدوا وبكم منة ... كفى بالحوادث للمرء غولا
وحشوا الحروب إذا أوقدت ... رماحًا طوالًا وخيلًا فحولا
ومن نسج داود موضونة ... للقواضب فيها صليلا
قال بشامة هذا ونصح قومه وتنحل لهم الرأي، وفيه ما ترى من جراءة، ومن وضوح فهم للقضية وشرح لها: أنتم بين أمرين أن تقبلوا خطة استسلام تكون عليكم عارًا وخزيًّا، وأن تحاربوا من يسومكموها وهم كانوا حتى الآن لكم صديقًا
وإذ لا بد من الاختيار فأنا أختار لكم الحرب، وإن يكن فيها هلاككم، على أن