للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومما يشهد بشدة نظره في لزوميات أبي العلاء وسقطه تائيته التي حاكى بها «هات الحديث عن الزوراء أو هيتا» من السقطيات وقد عرضنا لها من قبل عند ذكر ضروب المجاراة -قال في المقامة المروية- المروية نسبة إلى مرو يقال مروي ومروزي في النسبة، وقال الشريشي في شرحه أنه يقال للثوب مروي وللرجل مروزي وهي من شاذ النسب ونبه إلى أن مرو هي التي خرج منها أبو مسلم صاحب الدعوة أول ما خرج وأنها كانت عاصمة المأمون ولأهل المغرب طعام يقال له المروزية يطيبون فيه العظام بالزبيب فهذا ينبئ أن الزاي لا تزاد في النسبة الخاصة بالبشر وحدهم. قال:

لا تحقرن أبيت اللعن ذا أدب ... لأن بدا خلق السربال سبروتا

ولا تضع لأخي التأميل حرمته ... أكان ذا لسنٍ أم كان سكيتا

وهذا ينبغي أن يكون من محفوظات أهل الكدية- ويشهد بأخذه من المعري قوله:

لولا المروءة ضاق العذر عن فطن ... إذا أشراب إلى كما جاوز القوتا

وقال المعري:

فالموت أجمل بالنفس التي ألفت ... عز القناعة من أن تسأل القوتا

فكأن الحريري يستدرك على المعري على لسان صاحب الكدية- وجاء في قوافيه بالضب والحوت (حتى لقد خيل ذا ضبا وذا حوتا) فهذا ينظر إلى قول المعري (ظبي العرار ولا ضبا ولا حوتا) وقوافٍ أخر كثيرة مشتركة بينهما ومعان متصلة بها- نحو «تبكيتا» في قوله:

وللشحيح على أحواله علل ... يوسعنه أبدًا ذمًّا وتبكيتا

فهذا كقول المعري:

فإن لقيت وليدًا والنوى قذف ... يوم القيامة لم أعدمه تبكيتا

<<  <  ج: ص:  >  >>