للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال في كلمة حاكى بها كثيرًا من تصنيع اللزوميات من المقامة الحجرية:

بني استقم فالعود تنمى عروقه ... قويمًا ويغشاه إذا ما التوى التوى

ولا تطع الحرص المذل وكن فتى ... إذا التهبت أحشاؤه بالطوى طوى

وعاص الهوى المردى فكم من محلق ... إلى النجم لما أن أطاع الهوى هوى

فهذا كنهج أبي العلاء في أصناف مما نظم نحو «أواني هم» و «خوى دن شرب» وقال فحاكى أبا العلاء شيئًا في موضوع الحج:

ما الحج سيرك تأويبًا وإدلاجًا ... ولا اعتيامك إجمالًا وأحداجًا

الحج أن تقصد البيت الحرام على ... تجريدك الحج لا تقضي به حاجا

وتمتطي كاهل الأنصاف متخذا ... ردع الهوى هاديًّا والحق منهاجا

وهي أبيات، سلك بها الحريري سبيل الوعظ في المقامة الرملية. وعلى عكس ذلك ما قاله في المقامة الصعدية:

لا تقعدن على ضرٍّ ومسغبة ... لكي يقال عزيز النفس مصطبر

وانظر بعينيك هل أرض معطلة .... من النبات كأرض حفها الشجر

فعد عما تشير الأغبياء به ... فأي فضل لعود ما له ثمر

وارحل ركابك عن ربعٍ ظمئت به ... إلى الجناب الذي يهمي به المطر

واستنزل الري من جر السحاب فإن ... بلت يداك به فليهنك الظفر

وإن رددت فما في الرد منقصة ... عليك قد رد موسى قبل والخضر

وكأن نفس الشر أشد حرارة وأقوى عاطفة نفس الخير إذ بين هذه الأبيات الرائية وما سبقها بون من حيث الرنين والأسر على أن الصياغة ونهج البيان واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>