أي سارت الناس رفاقًا إلى كعبته لا يعني رفاقي على أن «أل» عهدية.
ما المكر بالمحصنات من خلقي ... ولا شعاري التمويه والكذب
ولا يدي مذ نشأت نيط بها ... إلا مواضي اليراع والكتب
بل فكرتي تنظم القلائد لا ... كفي وشعري المنظوم لا السخب
والسخب عني بها القلائد وأصل السخب جمع سخاب بكسر السين وهي قلادة من الطيب ونحوه تجعل للطفل وليس مجيء الحريري بالسخب ههنا تكلفًا منه لقافية فأرجح عندي أنه يعرض بالمرأة أنها هي تنظم السخب بكفها ولكني أنظم قلائد الشعر.
فهذه الحرفة المشار إلى ... ما كنت أحوي بها وأحتلب
فأذن بشرحي كما أذنت لها ... ولا تراقب واحكم بما يجب
ثم يعقب الحريري بما هو نص في معنى ما قدمناه:
قال:«فلما أحكم ما شاده، وأكمل إنشاده، عطف القاضي إلى الفتاة، بعد أن شغف بالأبيات، وقال: أما إنه قد ثبت عند جميع الحكام، وولاة الأحكام، انقراض جيل الكرام، وميل الأيام إلى اللئام. وإني لأخال بعلك صدوقًا في الكلام، بريًّا من الملام. وها هو قد اعترف لك بالقرض، وصرح عن المحض وبين مصداق النظم، وتبين أنه معروق العظم، وإعنات المعذر ملأمة، وحبس المعسر مألمة، وكتمان الفقر زهادة، وانتظار الفرج بالصبر عبادة، فارجعي إلى خدرك، واعذري أبا عذرك، ونهنهي عن غربك، وسلمي لقضاء ربك، ثم إنه فرض لهما في الصدقات حصة، وناولهما من دارهما قبضة، وقال لهما تعللا بهذه العلالة، وتنديا بهذه البلالة، واصبرا على كيد الزمان وكده، فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمرٍ من عنده إلخ».