للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لعلها «فمن يفاضله» ومن جازمة ويجوز ما ههنا على معنى والذي «يفاضل» فهو مفضول وما أشبه أن تكون هاء الضمير قد غفل عنها في الطبع والتصحيح أو أخطأها الناسخ وذلك أن الرنة بها أقوى وأشبه بنغم الصرصري الفحل:

لقد علا كعب كعب كل ممتدح ... فمن يفاضله وما فهو مفضول

سبقًا وفضلًا وإنشادًا مشافهة ... وبردة قصرت عنها السرابيل

لكنني إن يك التسويف قصر بي ... وقيل إنك مبعوث ومسئول

يشير إلى قول كعب: «وقيل إنك منسوب ومسئول»

أقول للواعظ المهدي نصيحته ... أقصر فلي شافع في الحشر مقبول

محمد خير مبعوث بمرحمة ... وجاهه الغمر للراجين مبذول

صلى الله عليه وعلى آلة وصحبه وسلم تسليمًا

ونلفت القارئ الكريم إلى قوله: {سبقًا وفضلًا وإنشادًا مشافهة} ثم ذكر البردة فكل هذا شاهد كما ترى بمعنى التبرك.

وقد نهج البوصيري نهج الصرصري في الإقرار لكعب بن زهير بالسبق المطلق لأن كلامه عربي جزل أصيل - غير أنه أعطى نفسه فضيلة المشابهة له في أمرين، أولًا مدح الرسول صلى الله عليه وسلم خالصًا فيه وثانيًا رجاء العفو عند الله سبحانه وتعالى بجاهه عليه الصلاة والسلام، وذلك أن كعبًا قد استحق القتل قبل أن يتقدم بمدحته هذه فنال بها العفو والرضا والجائزة: قال:

ها حلة بخلال منك قد رقمت ... ما في محاسنها للعيب تخليل

جاءت بحبي وتصدقي إليك فما ... حبي مشوب ولا التصديق مدخول

أي كما حب كعب وتصديقه كانا غير مشوبين ولا مدخولين إذ وفد معتذرًا وفي الناس من يتهمه بذلك كما يدل عليه قوله:

أنبتت أن رسول الله أوعدني ... والعفو عند رسول الله مأمول

فقد أتيت رسول الله معتذرًا ... والعذر عند رسول الله مقبول

مهلًا هداك الذي أعطاك نافلة الـ ... قرءان فيها مواعيظ وتفصيل

لا تأخذني بأقوال الوشاة ولم ... أذنب وقد كثرت في الأقاويل

كذلك أنا حبي غير مشوب وتصديقي غير مدخول وما سلكت مسلك كعب في الروي والبحر وأنا أبغي انتحال كلامه أتزين به. أو مباراته أباهي بذلك ولكني وجدتك

<<  <  ج: ص:  >  >>