عدمنا خيلنا إن لم تروها ... تثير النقع موعدها كداء
ينازعن اللأعنة مصغيات ... على أكتافها الأسل الظماء
تظل جيادنا متمطرات ... تلطمهن بالخمر النساء
قالوا لما دخلت خيل المسلمين مكة جعلت النساء تلطمهن بخمرهن (جمع خمار المفرد بكسر الخاء وفتح الميم بعدها ألف والجمع بضمهما) فكان هذا مما نظر فيه حسان بعين البصيرة والكشف والهمزية التي منها هذه الأبيات من جيد شعره ومشهوره -قال رضي الله عنه:
فإما تعرضوا عنا اعتمرنا ... وكان الفتح وانكشف الغطاء
وإلا فاصبروا لجلاد يوم ... يعز الله فيه من يشاء
وجبريل رسول الله فينا ... وروح القدس ليس له كفاء
وقال الله قد أرسلت عبدًا ... يقول الحق إن نفع البلاء
شهدت به فقوموا صدقوه ... فقلتم لا نقوم ولا نشاء
وقال الله قد سيرت جندًا ... هم الأنصار عرضتها اللقاء
ألا أبلغ أبا سفيان عني ... فأنت مجوف نخب هواء
عنى أبا سفيان بن الحارث بن عبد المطلب وهذا قبل إسلام أبي سفيان هذا
هجوت محمدًا فأجبت عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء
ويمكن أن يعتبر شعر الأنصار من حيث التزامه بدعوة الإسلام ودفاعه عنها مقدمة وتمهيدًا لما افتن فيه الشعراء من بعد من ضروب أساليب الشعر المدافع عن مذاهب الفرق والجماعة وهلم جرا.
ثم أمر آخر كان شعر الأنصار به مختلفًا عن أشعار الأيام والمفاخرات ولم تكن شعراء الكفرة قادرة على أن تجاريهم فيه، وإن جارتهم في الدفاع عن قضايا كفرها، وهو التعبد، وذلك لصدق إيران الأنصار، واعتقادهم بحق أن ما يقولونه ينصرون به رسول الله صلى الله عليه وسلم، مقربهم إلى الله، وهو عبادة.
شعر الجواري الذي استقبلن به الرسول صلى الله عليه وسلم يقلن: -
نحن جوار من بني الأنصار ... يا حبذا محمد من جار