للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وراحوا بحزن ليس فيهم نبيهم ... وقد وهنت منهم ظهور وأعضد

يبكون من تبكي السنوات يومه ... ومن قد بكته الأرض فالناس أكمد

وهل عدلت يومًا رزية هالك ... رزية يوم مات فيه محمد

صلى الله عليه وسلم.

والعجب لابن قتيبه قال: «وهذه عندي قصة الكميت في مدحه بني أمية وآل أبي طالب فإنه كان يتشيع وينحرف عن بني أمية بالرأي والهوى وشعره في بني أمية أجود منه في الطالبيين. ولا أرى علة ذلك إلا قوة أسباب الطمع وإيثار النفس لعاجل الدنيا على آجل الآخرة» ا. هـ

وزعم ابن قتيبة أن الكميت شديد التكلف في الشعر كثير السرقة. ولو كان هذا حقًا ما كان شعره ليعجب الفرزدق في الخبر الذي رووه، اللهم إلا أن يكون الخبر مكذوبًا وهذا بعيد. ومما يعجب لأمره من كلام ابن قتيبة أول شيء قوله «آل أبي طالب» وقوله «في الطالبيين» والكميت نفسه يقول:

يا ويح أنصار النبي ونسله ... بعد المغيب في سواء الملحد

استشهد به في موضعين أو ثلاثة من مجاز القرآن. ونسله ورهطه كلتاهما روى ومتقاربتا المعنى إلا أن نسله أخص والمعنى يا ويح أنصاره وويح نسله أو رهطه ويجوز يا ويح أنصار نسله أو رهطه. وإن يكن أبو عبيدة قد كان كما زعم بعضهم به ميل إلى رأي الخوارج فرواية نسله أشبه إذ ذلك لا يتجاوز فاطمة رضي الله عنها وكان بقاؤها بعد الرسول صلى الله عليه وسلم قليلًا. وما كان أبو عبيدة ليستشهد بهذا البيت في تفسير القرآن وينسبه إلى حسان إلا وهو من ذلك على ثقة.

كان في أكثر الأنصار ميل إلى علي كرم الله وجهه وقد أصيب المسلمون على أيام يزيد بن معاوية بمقتل الحسين رضي الله عنه وبوقعة الحرة. وقد جعل الكميت من صلة ما بين الأنصار وآل البيت حجة يجادل بها -قال:

وقالوا ورثناها أبانا وأمنا ... وما ورثتهم ذاك أم ولا أب

ولكن مواريث ابن آمنة الذي ... أقر له بالفضل شرق ومغرب

بك اجتمعت أنسابنا بعد فرقة ... فنحن بنو الإسلام ندعى وننسب

يقولون لم يورث ولولا تراثه ... لقد شركت فيها بكيل وأرحب

ولانتشلك عضوين منها يحابر ... وكان لعبد القيس عضو مؤرب

<<  <  ج: ص:  >  >>