علام إذن زرنا الزبير ونافعا ... بأسيافنا بعد المقانب مقنب
وشاط على أرماحنا بادعائها ... وتحويلها عنكم شبيب وقعنب
وإلا فقولوا غيرها تتعرفوا ... نواصيها تردى بنا وهي شرب
ولم يكن الأنصار عنها بمعزل ... ولا غيبًا عنها إذ الناس غيب
هم رئموها غير ظأر وأشبلوا ... عليها بأطراف القنا وتحدبوا
فإن هي لم تصلح لحي سواهم ... فإن ذوي القربى أحق وأقرب
في هذه الأبيات من البائية «طربت وما شوقًا إلى البيض» بعض البيان لما تقدم ذكره من أمر المزج بين مدحه صلى الله عليه وسلم وقضايا السياسية التي كانت تحترب عليها الفرق آنئذ-الزبير ونافع وشبيب وقعنب هؤلاء من زعماء الخوارج، وكانوا يرون تقديم الصالح من المسلمين للإمامة لا يشترطون كونه قرشيًا. ومكان مدح الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله «بك اجتمعت أنسابنا» لا يخفى. وهذا يشبهه قول الآخر:
دعى القوم ينصر مدعيه ... ليلحقه بذى الحسب الصميم
أبي الإسلام لا أب لي سواه ... إذا افتخروا بقيس أو تميم
قال الجاحظ في كتابه الحيوان:
«ومن المديح الخطأ الذي لم أر قط أعجب منه قول الكميت بن زيد وهو يمدح النبي صلى الله عليه وسلم، فلو كان مديحه لبني أمية لجاز أن يعيبه بذلك بعض بني هاشم، ولو مدح به بعض بنى هاشم لجاز أن تعيبه العامة أو لو مدح به عمرو بن عبيد لجاز أن يعيبه المخالف، ولو مدح المهلب لجاز أن يعيبه أصحاب الأحنف - فأما مديح النبي صلى الله عليه وسلم، فمن هذا الذي يسوؤه ذلك حيث قال: -
فاعتتب الشوق في فؤادي والشعـ ... ـر إلى من إليه معتتب
إلى السراج المنير أحمد لا ... يعدلني رغبة ولا رهب
عنه إلى غيره ولو رفع النا ... س إلى العيون وارتقبوا
(ههنا كما ترى شيء من التضمين)