وقد فشت أساليب أهل التصوف التي في أشعارهم وأدعيتهم حتى تظرف باستعمالها الشعراء قبل زمان الحلاج وبعده وقد جاءت من أشعار المولدين في شعر أبي نواس مثل قوله:
خلقت لآدم قبل طينته ... فتقدمته بخطوة القبل
وقد عاصر الجاحظ أبا نواس وذكر أنه أسن منه وقد ورد ذكر المتصوفة في كلامه
مرات.
وفي شعر حبيب:
لا تسقني ماء الملام فإنني ... صب قد استعذبت ماء بكائي
وتقدم الحديث في هذا وما بمجراه، وقد ذكرنا من قبل نار الأحبة التي كانت تشاهدها بصائر القلوب، قلوب العشاق من لدن امرئ القيس إلى جميل إلى أبيات عبيد الله حيث ذكر حب عثمة فقال:
تغلغل حيث لم يبلغ شراب ... ولا حزن ولم يبلغ سرور
وفي أبيات الحلاج الحلول. وأصاب المعري إذ لم يعد أن في أبيات الحلاج معنى جديدًا حقًا إذ الناس كما قال قد عبدوا الحجر. فهذا بلا ريب من عنصر توهمهم حلول الإله فيه. ويلحق بهذا الضرب مقال فرعون:«أنا ربكم الأعلى».
واكتفى أبو العلاء بوقفة عند صياغة الأبيات، قال: فلا بأس بنظمها في القوة ولكن قوله «إلي» عاهة في الأبيات يعني «إلي» بكسر الياء، وأبو العلاء يعلم أن هذه قراءة حمزة في:«وما أنتم بمصرخي» فانصرف بشيء من خبث خفي من نقد الحلاج إلى الطعن في قراءة من السبعة التي اختارها ابن مجاهد والقراءة كما قال شيخ النحو في