للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عما يليق به صلى الله عليه وسلم من المدح فتركوا مدحه أدبًا معه عليه الصلاة والسلام اهـ أقول لا شك في عجزهم عما يليق به صلى الله عليه وسلم من المدح وعجز الناس كافة عن ذلك بل عجز الخلق أجمعين عن معرفة فضائل سيد المرسلين وكنه كمالات حبيب رب العالمين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ولا يعلم حقيقة ذلك إلا الله تعالى فلا يقدر على وصف هدا العبد الكريم إلا سيده العظيم عز وجل. ولكن ذلك لا يمنع الشعراء من مدحه للتقرب إلى رضاه ورضا مولاه سبحانه وتعالى بقدر استطاعتهم فإن الله تعالى شرع لنا على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم أن نحمده تعالى ونشكره ونثني عليه مع عجزنا كمال العجز عما يجب له ويليق به سبحانه وتعال كما قال صلى الله عليه وسلم وهو سيد الحامدين والشاكرين والمثنين على الله تعالى، لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك. وكم مدح النبي صلى الله عليه وسلم نظمًا ونثرًا من أئمة أمته من الصحابة فمن بعدهم، سادات أجلاء الواحد منهم أكثر أدبًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعرفة بما يليق به من ملء الأرض مثل المتنبي وأمثاله، ولكن السبب الصحيح الذي أراه لعدم مدحهم له عليه الصلاة والسلام أن مدحه من جملة الطاعات والعبادات فيحتاج للتوفيق من الله تعالى للعبد حتى يتيسر له فعله، وهؤلاء وأشباههم لم يوفقوا لهذه الطاعة العظيمة لعدم تأهلهم لها بسبب ما اتصفوا به من أخلاق الشعراء من نحو توغلهم في الكذب بأبلغ العبارات في المدح إن رضوا والذم إن غضبوا، فضلًا عن تعديهم على أعراض الناس وقذفهم المحصنات والتشبيب بمعين النساء والغلمان ونحو ذلك من السفاهات وكفى بذلك مانعًا لهم من مدح النبي صلى الله عليه وسلم، ما لم يتوبوا إذ الظلام والنور ضدان ففي آن واحد لا يجتمعان وكونهم من أكابر الشعراء لا يقتضي تأهلهم لعبادة الله بمدح عبده ونبيه وحبيبه الأكرم صلى الله عليه وسلم، فإنا نرى كثيرًا من الأغنياء لا يحجون ولا يزكون ولا يتصدقون، ونرى بعكسهم كثيرًا من الفقراء كما نرى كثيرًا من الأقوياء لا يصلون ولا يصومون ولا يقومون الليل، ونرى بعكسهم كثيرًا من الضعفاء وما ذلك إلا بسبب توفيق الله تعالى لكثير من الفقراء والضعفاء، وعدم توفيقه لكثير من الأغنياء والأقوياء، فكذلك يقال هنا يحرم المتنبي وأمثاله من الشعراء من هذا الخير العظيم في مدح النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ويرزقه كثير من العلماء والصلحاء ممن بضاعتهم في الشعر قليلة بتوفيق الله تعالى لهم. اهـ. الفصل الثامن (ص ١٩).

مقال الشيخ يوسف النبهاني رحمه الله في جملته لا غبار عليه. غير أنه ربما صح عليه الاستدراك في أشياء، سوى الذي سبق من زعمنا أن المديح النبوي طور خلص

<<  <  ج: ص:  >  >>