أرى المسلمين مع المشركيـ ... ـن وإما لعجز وإما رهب
وأنت مع الله في جانب ... قليل الرقاد كثير التعب
كأنك وحدك وحدته ... ودان البرية بابن وأب
وقال:
فباتوا لخالقهم سجدا ... ولو لم تغث سجدوا للصلب
وشعر المتنبي في الجهاد المقصود به رفع راية الإسلام وإعلاء كلمة الشهادة كثير، وصدق روحه فيه يشهد بأنه ما أراد به الدنيا -وذلك وإن لم يصرح فيه بمدح النبي صلي الله عليه وسلم فقد صرح فيه بنصر دين الله، وذلك نصر لرسول الله صلى الله عليه وسلم -فنأمل أن يدخله ذلك في زمرة من عزروه ونصروه. وإن يكن إساء في بعض أمره، كالذي اتهم به من دعواه في صباه، وكقوله يمدح أحد الأشراف العلويين:
وأبلغ آيات التهامي أنه ... أبوك وأبهى مالكم من مناقب
مما اضطرته إليه مذاهب المبالغة المفرطة، فقد أحسن في جهادياته كل الإحسان: -
مثلًا قوله
مخلى له المرج منصوبًا بصارخة ... له المنابر مشهودًا بها الجمع
وهل تشهد الجمع إلا بإعلان النداء وفيه الشهادتان اللتان هما ركن الإسلام الأول؟
وبعد فقيمة الإنسان ما يحسنه. وهؤلاء الثلاثة قد فرغوا بأنفسهم للشعر وأبلغ ما قالوه مستمد من صميم بيان العربية الذي يدرك به أمر معجزة بيان القرآن ولئن كان الذي وقع لهم من الحكم والأمثال -وما منهم إلا له قول يتمثل به- من باب الحكمة التي من يؤتها فقد أوتي خيرًا كثيرًا، فلهم بهذا إن شاء الله فضل بين.
وقد جاء أبو العلاء بقطعة نبوية في لزومياته أولها:
دعاكم إلى خير الأمور محمد ... وليس العوالي في القنا كالسوافل