للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويح قوم جفوا نبيًا بأرض ... ألفته ضبابها والظباء

أخرجوه منها وآواه غار ... وحمته حمامة ورقاء

وكفته بنسجها عنكبوت ... ما كفته الحمامة الحصداء (١)

وهذا كلام أقل ما يقال عنه أنه رصين. وانظر إلى قوله يصف المعراج:

فصف الليلة التي كان للمختار فيها على البراق استواء

وترقى به إلى قاب قوسين وتلك السيادة القعساء

رتب تسقط الأماني حسري ... دونها ما وراءهن وراء

ثم وافى يحدث الناس شكرًا ... إذ أتته من ربه النعماء

وتحدى فارتاب كل مريب ... أو يبقى مع السيول الغثاء

وهو يدعو إلى الإله وإن شق عليه كفر به وازدراء

ويدل الورى على الله بالتو ... حيد وهو المحجة البيضاء

فبما رحمة من الله لانت ... صخرة من إبائهم صماء

ومن خير ما جاء في هذه الهمزية الجليلة قول البوصيري وهو يجادل النصارى وغيرهم من أصحاب الملل:

ما أتى بالعقيدتين كتاب ... واعتقاد لا نص فيه ادعاء (٢)

والدعاوى ما لم تقيموا عليها ... بينات أبناؤها أدعياء

ليت شعري ذكر الثلاثة والوا ... حد نقص في عدكم أم نماء

كيف وحدتم إلهًا نفى التو ... حيد عنه الآباء والأبناء

أإله مركب ما سمعنا ... بإله لذاته أجزاء


(١) أراد بالحصداء هنا: الصناع، وهذا تأويل بعيد منه اضطرته إليه ضرورة القافية.
(٢) العقيدتان: اليهودية، والنصرانية، والمعنى أن كل عقيدة لم يرد فيها نص فهي دعوى باطلة لا يجوز قبول مثلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>