للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أيا خاتم الرسل المكين مكانه ... حديث الغريب الدار فيك غريب

عدت عن مغانيك المشوقة للعدا ... عقارب لا يخفى لهن دبيب

حراص على إطفاء نور قدحته ... فمستلب من دونه وسليب

بنصرك عنك الشغل من غير منة ... وهل يتساوى مشهد ومغيب

أي شهودي لا بد منه لمباشرة الجهاد، فإن غبت للزيارة ناب عني غيري فليس ذلك في القيام بواجب الجهاد كما لو أشهد. ولعل القارئ يفطن إلى جانب البديع في الاستعارة والطباق والتورية- قوله غريب من قولهم حديث غريب أي نادر نفيس من طرق إسناده وقوله مستلب وسليب تضمين من بائية علقمة وإشارة إلى قوله:

رغا فوقهم سقب السماء فداحض ... بشكته لم يستلب وسليب

يريد بالإشارة معنى عذاب الله الذي صبه على ثمود.

ولولاك لم يعجم من الروم عودها ... فيعود الصليب الأعجمي صليب

وجاهك بعد الله نرجو فإنه ... لحظ مليء بالوفاء رغيب

عليك صلاة الله ما طيب الفضا ... عليك مطيل بالثناء مطيب

وما أفتر قد للغصون مرنح ... وما أفتر ثغر للبروق شنيب

على جزالة ابن الخطيب فيه تصنيع ووشي كثير وله غرام بذكر النسائم والأغصان والغيث، مما هو، على أصالته في العربية، ذو نفحات أندلسية مغربية. ومن بديعه المصنوع في هذه البائية قوله:

فقول حبيب إذ يقول تشوقا ... عسى وطن يدنو إلى حبيب

يعني حبيب بن أوس في أول البيت. وقوله:

ويا قادح الزند الشحاح ترفقا ... عليك فشوقي الخارجي شبيب

أي الذي لا أستطيع رده قد شب- ويشير إلى شبيب زعيم الخوارج على زمان الحجاج. ومما قاله على لسان سلطانه الغني بالله:

إذا فاتني ظل الحمى ونعيمه ... فحسب فؤادي أن يهب نسيمه

وهي أجود وأصفى ديباجة من البائية وأحر أنفاسًا وأخفى صناعة بديع

<<  <  ج: ص:  >  >>