للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقنعني أني به متشبه ... فزمزمه دمعي وجسمي حطيمه

المطلع مشعر كما ترى بأرب الشاعر، وهو ما تقدم من شوقه إلى الحجاز، وما يعدو دون ذلك من أمر الجهاد. وجعله دمعه زمزمًا لملوحة الدمع وجسمه حطيم بالشوق والحطيم من أسماء البيت الحرام تسمية كل بجزء.

ومنها:

ولم أر شيئًا كالنسيم إذا سرى ... شفى سقم القلب المشوق سقيمه

نعلل بالتذكار نفسًا مشوقة ... ندير عليها كأسه ونديمه

وما شفني بالغور قد مرنح ... ولا شاقني من وحش وجرة ريمه

ولا سهرت عيني لبرق ثنية ... من الثغر يبدو وموهنًا فأشيمه

تأمل رصانة هذه الأبيات مع عذوبة لفظها. وما خلا ابن الخطيب من نظر إلى قول أبي العلاء:

وما شاق قلبي بارق نحو بارق ... ولا هزني شوق لجارة هزان

والمعري يشير لخبر الأعشى مع الهزانية وقد جاء به في رسالة الغفران. والذي أخذه ابن الخطيب نهج الصياغة وصدى إيقاعها ومنها:

ألا يا رسول الله ناداك ضارع ... على النأي محفوظ الوداد سليمه

مشوق إذا ما الليل مد رواقه ... تهم به تحت الظلام همومه

إذا ما حديث عنك جاءت به الصبا ... شجاه من الشوق الحثيث قديمه

أيجهر بالنجوى وأنت سميعها ... ويشرح ما يخفى وأنت عليمه

وتعوزه السقيا وأنت غياثه ... وتتلفه الشكوى وأنت رحيمه

تأمل انسياب هذا الكلام وما فيه من شبه بأنفاس فحول المولدين حبيب والوليد وأبي الطيب.

بنورك نور الله قد أشرق الهدى ... فأقماره وضاحة ونجومه

لك انهل فضل الله بالأرض ساكبا ... فأنواره ملتفة وغيومه

في قوله «فأنواره» معنى الأزهار.

<<  <  ج: ص:  >  >>