ومن فوق أطباق السماء بك اقتدى ... خليل الذي أوطاكها وكليمه
هنا إشارة إلى المعراج.
لك الخلق الأرضى الذي جل ذكره ... ومجدك في الذكر العظيم عظيمه
يجل مدى علياك عن مدح مادح ... فموسر در القول فيك عديمه
ويقول على لسان الغني بالله معتذرًا عن تقصيره عن الديار المقدسة:
عدتني بأقصى الغرب عن تربك العدا ... جلالقة الثغر الغريب ورومه
تأمل تسميته الأندلس الثغر الغريب، وقد سبقت الإشارة إلى أن ابن زمرك من طريقة لسان الدين أخذ.
أجاهد منهم في سبيلك أمةً ... هي البحر يعيى أمرها من يرومه
لا يخفى ما ههنا من تنبه إلى أن نصر المسلمين بالأندلس لا يتأتى لمن يريد نصرهم إلا بقوة البحر. وابن الخطيب قوي الإحساس بأن سبيل الأندلس، ما بقي منها، إلى ضياع، وكذلك كان إحساس ابن خلدون. ولمن قبلها أحس أبو مروان بن حيان على حين لم تزل قرطبة وطليطلة وإشبيلية كل أولئك تحت سلطان الإسلام، ولكن الفتنة التي طوحت بالخلافة الأندلسية وما تبعها من تفرقة دامية العراك هو الذي أوقع في نفسه هذا الحدس، وإلى الله تصير الأمور.
ويقول في آخرها يخاطب الرسول عليه الصلاة والسلام:
وأنت لنا الغيث الذي نستدره ... وأنت لنا الظل الذي نستديمه
ولما نأت داري وأعوز مطمعي ... وأقلقني شوق يشب جحيمه
بعثت بها جهد المقل معولا ... على مجدك الأعلى الذي جل خيمه
وكلت بها همي وصدق قريحتي ... فساعدني هاء الروي وميمه
فهذه طربة حبيبية النشوة.
فلا تنسني يا خير من وطيء الثرى ... فمثلك لا ينسى لديه خديمه
عليك صلاة الله ما ذر شارق ... وما راق من وجه الصباح نسيمه
وهنا ما تقدم ذكره من النفحة الأندلسية- شاهد ذلك أنك تحس نوع أحساس من