للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يستفيق من الغرام وكلما ... حجبوك عنه تهتكت أستاره

ما اعتاض عن سمر الحمى ظلًا ولا ... طابت بغير حديثكم أسماره

والسمر بفتح السين وضم الميم من شجر الحجاز وبنواحي مكة وكانت بيعة الرضوان تحت سمرة.

هل عائد زمن تضوع نشره ... أرجا ورقت بالرضا أسحاره

هذا البيت يدل على أنه حج من قبل ويريد العودة. وذكر الأسحار كما مر بالقارئ الكريم من قبل مما يتكرر عند الصرصري، وإنما خص الأسحار لمكان صلاة الفجر ولمجافاة أهل الصلاح خاصة للنوم في ساعات السحر المباركة. قال تعالى: {الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالأسحار}. وللأسحار في الحرمين بركة وأسرار.

في مربع بقباب سلع مونق ... بالأنس تهتف بالمنى أطياره

فاق البسيطة عزة ومهابة ... فسما وعز من البرية جاره

ومن هنا تخلص إلى المديح النبوي في يسر حسن التدفق والانسياب:

يحمي النزيل وكيف لا يحمي وقد ... حفت بجاه المصطفى أقطاره

أضحى ثرى عرصاته مذ حلها ... يشفي من الداء العضال غباره

سبحان من جمع المحاسن كلها ... فيه فتم بهاؤه وفخاره

محاسن المنظر ومحاسن المخبر.

جبلت على التشريف طينته فما ... نشأت على غير العلى أطواره

وصفت خلائقه وطهر صدره ... فزكا وطاب أديمه ونجاره

فذكر هنا كرم العنصر وشرف النسب ثم أخذ في قصة المولد وفي صفة الرسول صلى الله عليه وسلم فاستقام له ذلك على ما بدأ به من حسن تخير اللفظ وسلامة رنين الإيقاع:

حملته آمنة الحصان فلم تجد ... ثقلًا إلى أن حان منه بداره

ورأت قصور الشام حين تشعشعت ... أنواره وتباشرت حضاره

وضعته مختونا وأهوى ساجدًا ... وكساه حسنًا باهرًا مختاره

لا بالطويل ولا القصير وإن مشى ... بين الطوال علتهم أنواره

هذا البيت جيد، وذلك أنه كان صلى الله عليه وسلم مربوعًا، فكان يطول الطوال ببهاء الشخصية وقوة حضورها وبهجة نورها.

<<  <  ج: ص:  >  >>