ثم انتشى الأمام الصرصري إلى مدح سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم فقال:
سعدت به أولاده ونساؤه ... وصحابه وزكت به أصهاره
وسمت به غلمانه وإماؤه ... وجواده وبعيره وحماره
ولعل مكان الحمار أن ينكره السمع، على أن السياق مستقيم به، ولعله مما يسوغها ما يلابسها من روح السذاجة وقصد الاستيعاب. ويعتذر للصرصري بأنه مع الإطالة قد يقع في القصيدة أن يختل موضع البيت والأبيات ولا يقدح ذلك في جودة القصيدة كلها. وقد أخذوا على المتنبي قوله:
إني على شغفي بما في خمرها ... لأعف عما في سراويلاتها
ولم يمنع ذلك من استجادة هذه التائية وعدها أبو منصور من إحسانه وجاء بقوله:
ذكر الأنام لنا فكان قصيدة ... كنت البديع الفرد من أبياتها
فقال إن هذا هو البديع الفرد من أبيات القصيدة.
وحوى الفخار سريره وفراشه ... وخيامه وقبابه وجداره
وتضوعت أردان بردته به ... طيبًا وطاب رداؤه وإزاره
شهد الكتاب الموسوي بفضله ... وتحققت وتيقنت أحباره
وقد كان احتدام الحروب الصليبية مما شحذ أذهان المسلمين إلى النظر في مقالات أهل الكتاب ونقد ما ذهب إليه ذاهبوهم من باطل التأويل وبيان مكان البشارة فيما جاء من مقالات أنبياء بني إسرائيل وكتبهم. من ذلك بشارة موسى عليه السلام به، وحملها أهل الكتاب على أن المبشر به هو عيسى عليه السلام، وذلك صنعوه بتأويل بعيد.
وقد تناول هذا البحث جماعة من المحققين.
هو شاهد متوكل ومبشر ... هو منذر متيقن إنذاره
أضحى للأميين حرزًا مانعًا ... وضعت به عن وقته آصاره
عن وقته أي عن أمته إذ هي التي آمنت به حين جاء وقت رسالته.