اللهم اجعلنا بشفاعته صلى الله عليه وسلم من الناجين.
وقد أوردنا هذه القصيدة كاملة بأرب التنبيه إلى صحة ما نزعمه من استواء ديباجة هذا المديح وقوة أسره وتمام معانيه وما فيه من روحانية الصدق ونوره.
وللصرصري كلمة رائية طويلة من مجزوء الرجز ذات طرب وإيقاع جوريت من بعده على سبيل الاستحسان والتبرك أولها:
جرت نسيم السحر ... على متون الغدر
فجعدتها وانثنت ... أعطاف بسط الزهر
وقد ترى ذكر السحر هنا. وفي الأبيات أنفاس ربيعية سرعان ما صرفها إلى الحجاز وبأنه وشيحه وعرعره.
وضمخت ملابس الروض ... بنشر عطر
كأنما فضت به ... ختام مسك أذفر
أظنها مرت على ... سمار ذات السحر
وذات السحر كناية عن ربوع الحجاز فهذا سبب طيبها لا أنها مرت على الغدران والأزهار.
فطارحتهم وأتت ... من نحوهم بخبر
تسنده عن أرج الشـ ... يح وريا العرعر
أملت على بان النقا ... ما عندها من أثر
فرنحته طربًا ... برمزها المعبر
فصرح ههنا بذكر الرمز وأنه إنما يريد الكعبة والزيارة والذات المحمدية الباهرة.
أذعت يا ريح الصبا ... سر هوى مستتر
فرددي ما شئت من ... حديثهم وكرري
فذكر سكان الحمى ... تعلة المستهتر
آه لعيش مر لي ... بين اللوى والأجفر
وزمن كان بنعـ ... ـمان ربيع العمر
ثم أخذ في الحنين إلى ليالي الحج- وموقف عرفة ومبيت مزدلفة وتلك الساعات القدسية من زاد العمر.