وأول مبتدأ والثاني ... فاعل اغنى في: أسار ذان؟
وانظر إلى قوله "والتمثيل يدني من لاله إدناه" أليس أجدر بهذا القول قس لاهوتي ملكاني يناظر إمبراطور القسطنطينية "ليو"؟
وانظر إلى قوله:
هرمت دولة القياصر والدو ... لات كالناس داؤهن الفناء
ليس تغني عنها البلاد ولا مال الأقاليم إن أتاها النداء
نال روما ما نال من قبل آثينا وسيمته ثيبة العصماء
سنة الله في الممالك من قبل ومن بعد ما لنعمى بقاء
أشهد أن نفس شوقي في سردة لتأريخ هؤلاء القدماء، إغريقهم ورومانيهم وفرعونيهم بارد خال من العاطفة، مسيطرة عليه قبضة الفكر وعصا النظم وسوطه. ولقد كان رحمه الله أصدق عاطفة وأحر نفسًا، حين نظم تأريخ الإسلام في بحر الرجز المزدوج (١) وهو من أضعف البحور. وأورد لك على سبيل المثال قوله هناك:
يا يوم صفين بمن قضاكا ... هل أنصف الجمعان إذ خاضاكا
فيك انتهى بالفتنة التراقي ... واصطدم الشام بالعراق
ونفدت بقية من صحب ... تلقت الطعن بصدر رحب
بنو القنا أبوة الأسنة ... أهل الكتاب نصراء السنة
وفت لهم بدر وهم أهله ... وخنتهم مشيخة أجله
ما كان ضر نصراء البيعة ... لو صبروا على الوغى سويعة
غادرهم بسحره معاوية ... كأنهم أعجاز نخل خاوية
ألقى القنا وشرع المصاحفا ... ينشد بالله الخميس الزاحفا
(١) طبع هذا التاريخ المنظوم باسم "ملوك العرب لأحمد شوقي".