للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فغر عليها واحمها وإن جنت فاستغفر

وإن وهت فقوها أو قهرت فانتصر

وكأنما نظر بهذا ببصيرة كاشفة إلى ما اقترب من خطر هولاكو، ثم ما من الله به من بعد من هداية أمم التتار والمغل ومن جاورهم جميعًا إلى الإسلام فانتشر في آفاق الأرض كما لم ينتشر من قبل، والله غالب على أمره وهو على كل شيء قدير.

قال البرعي رضي الله عنه:

ضربوا الخيام على الكثيب الأخضر ... ما بين روضة حاجر ومحجر

وتفيئوا في الأثل ظلًا وارتووا ... من مائه المتسجم المتفجر

وأخضر فردوس الخمائل إذ غدا ... وسرى عليه حيا العريض الممطر

فكأن لؤلؤ طله رأد الضحى ... درر متى تسر النسائم تنثر (١)

هذا من قول أبي الطيب «دنانيرًا تفر من البنان».

ولع البشام بنفحة نجدية ... تغشى الرياض بعنبر ومعنبر

تأمل هذه الديباحة البحترية.

إن النفوس على اختلاف طباعها ... طمعت من الدنيا بما لم تظفر

وعلى الكريم دلالة عذرية ... بصرت به فأرته ما لم ينظر

أي للحب العذري طريق إلى قلب الكريم يعرفه ويراه فيرى به الكريم ما لم تنظر إليه عينه ولكن يراه قلبه.

يا نازلًا بربا الأراك عداك ما ... ما حملت من ولهي وطول تذكري

سل جيرة الجرعا غداة غدت بهم ... بزل الركائب في الفريق المصحر

لا تزال كلمة الفريق مستعملة في اللغة الدارجة بمعنى يقارب معنى الخليط والأصل كما ترى واحد إذ هو ممن يخالطون في المرعي ثم يفارقون. وللبرعي رحمه الله إحساس دقيق بالطبيعة. وكما الطبيعة التي نحس نفحاتها من ابن الخطيب أندلسية مغربية فيها نعومة ربيع إقليم البحر المتوسط فالطبيعة التي عند البرعي يمنية عربية، أثلها الأخضر


(١) ()

<<  <  ج: ص:  >  >>