وفي هذه الأبيات كما ترى صناعة وتفكير. وكأن في قوله «يا قلب أنت وعدتني» ما يناقض ما زعمه بعد في قوله «قل للذين تقدموا». ومثل هذا قد أخذوه على كثير في قوله:«أريد لأنسى ذكرها» فقالوا وما له يريد أن ينسى حبها. وقوله «فاسمح ولا تجعل جوابي» هو الذي حبب الناس في هذه الكلمة لما تضمنه من معنى الإشارة إلى القرآن وتجلى الحق سبحانه وتعالي للجبل فجعله دكًا وخر موسى صعقًا. وإن يكن موسى عليه السلام قد قيل له:{لن تراني ولكن .. } فالشيخ أولى أن يقال ذلك له إلا على تأويل الرؤية بعد الفوز في الدار الآخرة على حسب اعتقادنا:
ومنه أن ينظر بالأبصار ... لكن بلا كيف ولا انحصار
هذا في اليوم الآخر. وقوله «ومن أضحى لأشجاني يرى» ليس بخال من قلق وتتمة الأبيات إذ قد استطردنا بذكرها:
ولقد خلوت مع الحبيب وبيننا ... سر أرق من النسيم إذا سرى