ومما يدني مدح البرعي من القلوب حرارة توسله بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، واستغاثته به واستنصاره على أعدائه.
وعليك صلى الله يا علم الهدى ... ما لاح مبتسم الصباح المسفر
الصرصري يستبشر بالأسحار ونسيمها إذ كان رحمه الله أعمى يشم اقتراب الوقت. والبرعي منفتح البصيرة والبصر على جمال طبيعة الكون حوله، فهذا الصباح يميط له عن وجهها الحجب.
وعلى قرابتك الكرام وسادة الـ ... إسلام صحب الخير للمتخير
صلى الله عليه وسلم.
والبرعي رحمه الله كثير الجياد الحلوات السائرات بين المنشدين إلى اليوم، بين من لا يزالون تهش أسماعهم وتطرب قلوبهم لأنغام المديح النبوي على نهجه القديم الأصيل. ومما يحبب البرعي قرب مأتاه من عقائد العامة ووضوح معانيه مع جهارة رناته. وسنورد له كلمات ربما استوفينا بعضها بتمامه كهذه التي تقدمت وربما اخترنا من بعضها- قال رحمه الله:
بانت عن العدوة القصوى بواديها ... واستنشقت ريح نجد في بواديها
والبرعي من حسناته أن ليس يفرط في تعاطي البديع وله ولع بالجناس التام. أحيانًا وربما اتفق ذلك له في أول بيت من القصيدة كما ههنا وكما في نونيته:
سمعت سويجع الأثلات غنى ... على مطلولة العذبات غنا
أي غناء وغنى الأولى فعل ماض.
بزل دعاها الصبا النجدي فانطلقت ... والشوق في البيد هاديها وحاديها
حنت وأنت لمغنى طيبة طربًا ... كأن في طيبة صوتًا يناديها
الحنين والنسيب والشوق هنا للزيارة الشريفة صريح به القول لا كناية فيه.
وعللتها غوادي الشام حاملة ... ماء معينًا يروي غل صاديها
ولم تزل لغبار الأرض خائضة ... نحو الرياض التي نور الهدى فيها