للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تأمل حسن هذا البيت:

محمد سيد السادات من مضر ... خير البرية قاصيها ودانيها

بدر سرى فوق أطباق السماء له ... قد دان من رتب العلياء ساميها

والرسل تشهد بالفضل العظيم له ... دنيا وآخرة والله هاديها

نال الذي لم ينله قبله أحد ... في ليلة طاب مسراها لساريها

وهي ليلة المعراج والإسراء.

أمسى يخفف من أوزار أمته ... ثقلًا ويشفع إكرامًا لعاصيها

بانت عن المسجد الأقصى ركائبه ... تسري إلى العرش لا فخرًا ولا تيها

والنور يقدمه من كل ناحية ... والحجب ترفع عن أنوار باريها

هل بلغت توهمات المتصوفة مبلغًا أعظم من هذا؟ وأصول هذا في القرآن والحديث كما يعلم القارئ -أصلحه الله وإيانا- فلماذا يتعب بعض الباحثين ويجهدون ليبرهنوا أن للتصوف أصولًا استعارها المسلمون من الهند ومن النصارى ولم يعرفوه إلا منهم. نعم لم ينحرف عن وجه الصواب إلا بما استعار من مذاهب غير الإسلام. أما أصول روحانيته الحقة فمن ههنا. ليس فيها من أخذ عن أهل الملل. وما يغمر هذه الأبيات من نور روحاني شعشعاني لا يحتاج إلى دليل.

لما رأى الآية الكبرى وأدرك من ... أسرار حكمته أسرار خافيها

بانت حظائر قدس الله مشرقة ... بنوره إذ تمنته يدانيها

ههنا صدى من مطلع القصيدة.

والحجب والعرش والكرسي ما افتخرت ... إلا بأحمد خير الخلق راقيها

الضمير في راقيها يعود على الحجب والعرش والكرسي وأجود عندي أن تجعل راقيها حالًا، أخفيت الفتحة فيه كإخفاء الضم والكسر للثقل على ياء المنقوص وهو مذهب للعرب ولك أن تجعل (راقيها) صفة متبعة بعد (خير الخلق) وعلى الوجه الذي قدمناه يكون المراد أنها افتخرت به إذ هو يرقاها وعلى الوجه الثاني بعد أن رقاها فصار أنه رقاها نعتًا له عليه الصلاة والسلام.

ذاك الذي لو أعار المزن راحته ... ما كف واكف غاديها وساريها

يشير إلى خبر استسقاء الأمة به عليه الصلاة والسلام.

<<  <  ج: ص:  >  >>