في ذلك من الإيهام بالقروض والنظرة إلى ميسرة.
ومن أعجب أبيات هذه الرائية إلى كاتب هذه الأسطر ما في مقدمتها من صدق الصبابة والحب الروحي الخالص:
فؤادي بربع الظاعنين أسير ... يقيم على آثارهم وأسير
في المجموعة ويسير وليس بصواب والذي في الديوان هو الصواب. أي فؤادي عند ربع الأحباء الذين ظعنوا، هو الواقف الجازع، المقيم ثم يبكي ويشجى وأنا أتقلب في البلاد.
ودمعي غزير السكب في عرصاتهم ... فكيف أكف الدمع وهو غزير
وإن تباريحي بهم وصبابتي ... لهن رواح في الحشا وبكور
أحن إذا غنت حمائم شعبهم ... وينزع قلبي نحوهم ويطير
فقد جعل قلبه حمامة من الحمائم. وعلى هذا الوجه تصح رواية من روى
يقيم على آثارهم ويسير
يقيم، باكيًا على الربوع، ويسير نازعًا إليها، ولكن السير والطيران لا سواء.
وأذكر من نجد فوارس بأسهم ... فتنجد أشواقي بهم وتغير
إما الرواية هكذا: «فوارس بأسهم» وهو مستقيم مع الإنجاد والإغارة والإغارة من حلول الغور ومن الغارة، وإما كما في المجموعة «جواري بأنسهم» وما أرى إلا أنه تحريف لتشابه رسم الأحرف، ثم في العبارة «جواري بأنسهم» ضعف لا يشبه سائر هذه الديباجة الناصعة. وقوله «فوارس بأسهم» يناسب معنى النسيب سواء أأريد به الكناية أم التصريح.
فيا ليت شعري عن محاجر حاجر ... وعن أثلات روضهن نضير
وعن عذبات البان يلعبن بالضحى ... عليهن كاسات النعيم تدور
ههنا نشوة بالطبيعة من غير خروج بذلك عن روحانية الشوق وحنين النسيب.
ومن لي بأن أروى من الشعب شربة ... وأنظر تلك الأرض وهي مطير
وأسمع في ظل البشام عشية ... بكاء حمامات لهن هدير
ثم صار إلى محض الحنين في قوله:
فيا جيرة الشعب اليماني بحقكم ... صلوا أو مروا طيف الخيال يزور
بعدتم ولم يبعد عن القلب حبكم ... وغبتم وأنتم في الفؤاد حضور