للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم بعد أن ذكر عددًا من الأنبياء والمرسلين وفضلهم وما زيد به نبينًا صلى الله عليه وسلم عليهم أخذ في ذكر الشفاعة والتوسل.

ثم يقول في أخريات القصيدة:

حججت ولم أزرك فليت شعري ... متى بمزارك الجاني يهنا

وثم صويحب يرجوك مثلي ... بعادك عنه أمرضه وأضنى

يكاد يذوب إن ذكروك شوقًا ... إليك فهل بجاهك منك يدني

تأمل عذوبة الروح الإنسانية التي قرنها باعتذاره هذا عن نفسه وعن صاحبه إذ يبدو أنه هو أيضًا حج ولم يزر.

عسى عطف عسى فرج قريب ... فقد وصل الأحبة وانقطعنا

فشرفنا بوطء تراب أرض ... بزورتها يحط الوزر عنا

وقل عبد الرحيم ومن يليه ... معي يوم الخلود يحل عدنا

عليك صلاة ربك ما تناغت ... حمام الأيك أو غصن تثنى

ومن أعجب قصائد الإمام الصالح المحب عبد الرحيم رضي الله عنه، القصيدة اللامية التي ذكر فيها مرض ابنه، وقد توسل بها إلى الشفيع صلى الله عليه وسلم، فشفي ابنه، وعسى أن يستفاد من سياق هذه اللامية أنه قد أتيحت له الزيارة فيها بعد. والشائع بين العامة عندنا أن البرعي رحمه الله لم يزر، وأنه لما عزم على الزيارة غلبه الشوق وهو متجه إليها فانشق حنينًا وفاضت نفسه من غلبة حرارة الشوق والمحبة عليه، وأحسب أن صاحب البدر الطالع قد ذكر تأريخ وفاته إن كان ذكره فليراجع (١).

قال رحمه الله:

هم الأحبة إن جاروا وإن عدلوا ... فليس لي معدل عنهم وإن عدلوا

تأمل مناسبة هذا الاستهلال لما سيذكره في آخر القصيدة من مرض ابنه.

وكل شيء سواهم لي به بدل ... منهم وما لي بهم من غيرهم بدل

إني وإن فتتوا في حبهم كبدي ... باق على ودهم راض بما فعلوا

شربت كأس الهوى العذرى من ظمأ ... ولذ لي في الغرام العل والنهل


(١) توفي رحمه الله سنة ٨٠٣ هـ وقبره في طريق المدينة.

<<  <  ج: ص:  >  >>