للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فليت شعري والدنيا مفرقة ... بين الرفاق وأيام الورى دول

هل ترجع الدار بعد البعد آنسة ... وهل تعود لنا أيامنًا الأول

تأمل أنفاس هذه الصبابة، وعذوبة هذا التعبير، ورقة هذا الحنين.

يا ظاعنين بقلبي أينما ظعنوا ... ونازلين بقلبي أينما نزلوا

ترفقوا بفؤادي في هوادجكم ... راحت به يوم راحت بالهوى الإبل

ومع أن ظاهر هذا الكلام نسيب تجد مكان الكناية فيه غير جد خاف لأن الشاعر المحب الصالح يهيجه شوقه إلى الزيارة كلما جاء الموسم ورأى الركب اليماني قد جعل يستعد للحج- ألا تجده يقول بعد:

فوالذي حجت الزوار كعبته ... ومن ألم بها يدعو ويبتهل

لقد جرى حبكم مجرى دمي فدمى ... بعد التفرق في أطلالكم طلل

أي كأن قدمت بعد التفرق لأن قلبي قد أقام لدى أطلالكم فهو جزء منها.

لم أنس ليلة فارقت الفريق وقد ... عاقوا الحبيب عن التوديع وارتحلوا

كأنه يشير هنا إلى أن عزم رفاقه على الرجوع اضطره إلى الرجوع معهم فكأنهم بالذي صنعوا عاقوا الحبيب عن وداعه. والله أعلم.

لما تراءت لهم نار بذي سلم ... ساروا فمنقطع عنها ومتصل

أخذ هذا من معنى تنور الشعراء لنار الأحبة. وقد تنورها امرؤ القيس بيثرب فتأمل.

لا در در المطايا أينما ذهبت ... إن لم تنخ حيث لا تثنى لها العقل

في روضة من رياض الجنة ابتهجت ... حسنًا وطاب بها للنازل النزل

ثم تخلص إلى المدح النبوي في سهولة ويسر.

حيث النبوة مضروب سرادقها ... وطالع النور في الآفاق يشتعل

وحيث من شرف الله الوجود به ... فاستغرق الفضل فرد ما له مثل

محمد سيد السادات من مضر ... سر السيادة شمس ما له طفل

شوارد المجد في مغناه عاكفة ... وريق رأفته غض الجنى خضل

<<  <  ج: ص:  >  >>