للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تأمل عجز هذا البيت وما فيه من حسن التشبيه للرأفة بالريف وما لابس ذلك من النعت لطبيعة اليمن السمحة التي كأن طبيعة المدينة بخصبها ونخيلها والجبال المكتنفة لها جزء منها. هذا على تقدير أن عبد الرحيم رحمه الله لم يصل المدينة. على أن سياق هذه الأبيات ينبئ عن مشاهدة. وليس بمستبعد على من يكون في مثل صفائه أن يشاهد بقلبه ما قد تعجز عن دركه المشاهدة بالعيان.

تثني عليه المثاني كلما تليت ... كما استنارت به الأقطار والسبل

المثاني آيات القرآن والسبع المثاني فاتحة القرآن.

بحر طوارفه بر ومكرمة ... بدر على فلك العلياء مكتمل

ما زال بالنور من صلب إلى رحم ... من عهد آدم في السادات ينتقل

حتى انتهى في الذرى من هاشم وسما ... حملًا وطفلًا ووفي وهو مكتهل

يعني أنه عرف بالأمين لما صار إلى سن الاكتهال وذلك بعد الشباب وأخذ هذا من قوله تعالى {وإبراهيم الذي وفى}. ثم أخذ البرعي في ديباج خسروائي من المدح حتى صار إلى ذكر الشفاعة. وفرق ما بين هذا المدح وما كان يمدح به الشعراء الملوك ظاهر، إذ فيه المحبة الصادرة من صدق الإيمان وشعور العزة بالانتماء إلى الإسلام:

حتى انتهى في الذرى من هاشم وسما ... حملًا وطفلًا ووفي وهو مكتهل

فكان في الكون لا شكل يقاس به ... ولا على مثله الأقطار تشتمل

به الحنيفة مرساة قواعدها ... فوق النجوم ونهج الحق معتدل

وخلفه ليلة الإسراء على قدر ... صلى النبيون والأملاك والرسل

ثم صار إلى ذكر الشفاعة والمقام الرفيع حين يبعثه ربه مقامًا محمودًا ويفتح عليه بالثناء عليه ويشفعه في أمته، صلى الله عليه وسلم:

وذلك الشافع المقبول عصمتنا ... به إلى الله في الدارين نبتهل

ومنه ظل لواء الحمد يشملنا ... إذ العصاة عليهم من لظى ظلل

وإنه الحكم العدل الذي نسخت ... بدين ملته الأديان والملل

<<  <  ج: ص:  >  >>