للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فانظر إلى هذا من إسرار البغضاء وإظهارها كأن لم يجد في الكثير الطيب من شعر شوقي غير هذا السياق. وكلمة «المروءات» من قوله لا تخلو من ضعف في هذا الموضع إذ الشهير الفصيح إفراد هذه الكلمة كما قال أبو الطيب:

وترى الفتوة والأبوة والمروة في كل مليحة ضراتها

وموضع قوله «المروءات» مع ما تقدمه من ذكر الطهر ومولد عيسى عليه السلام كأنه مقحم وسائر الأبيات سرقة ومحاكاة للبوصيري وهذا المسلك عند شوقي رحمه الله كثير وما يؤخذ عليه- وقد حاكى أبيات المولد هذه أيضًا في قوله، في قصيدته التي من بحر الكامل يذكر فيها مولد نبينا صلى الله عليه وسلم:

ولد الهدى فالكائنات ضياء ... وفم الزمان تبسم وثناء

قوله وفم الزمان إلخ صياغة أخرى لقول البوصيري «المولد الذي كان للدين سرور بيومه وازدهاء» حذف شوقي الدين وجعل اليوم زمانًا. على أنه حين عدل عن خفيف البوصيري ورويه اللذين جاراهما في «همت الفلك واحتواها الماء» إلى الكامل وروي أبي الطيب:

أمن ازديارك في الدجى الرقباء ... إذ حيث أنت من الظلام ضياء

وما خلا من أخذ منه، إنما اتبع حقًا طريق الشهاب محمود الحلبي (رئيس دواوين الإنشاء بالشام المتوفي سنة ٧٧٥ هـ رحمه الله في ما ذكره النبهاني عند تقديم مدحته الهمزية)، حيث قال:

ما آذنته ببينها أسماء ... فنقول ثاو مل منه ثواء

لكنه ذكر الحمى فتقاسمت ... أحشاءه الأشجان والبرحاء

ونأمل أن يتيسر لنا ذكر شيء منها إن شاء الله تعالى.

قال البوصيري يذكر تداعي الإيوان وما إلى ذلك.

وتداعى إيوان كسرى ولولا ... آية منك ما تداعى البناء

وغدا كل بيت نار وفيه ... كربة من خمودها وبلاء

وعيون للفرس غارت فهل كا ... ن لنيرانهم بها إطفاء

قوله «فهل كان لنيرانهم إلخ» من باب البديع المعنوي.

فهنيئًا به لآمنة الفضـ ... ـل الذي شرفت به حواء

<<  <  ج: ص:  >  >>