للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي تامة عتاد الحرب خضراء بالدروع. هذه الكتيبة ليست هي فقط كتيبة الجيش المقاتل بالأسنة والأعنة والصوارم. ولكن لله جنودًا لم تروها. من ذلك ما حل بالمستهزئين من غضب الله عليهم وذلك قبل الهجرة. قال تعالى: {فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين إنا كفيناك المستهزئين}.

وكفاه المستهزئين وكم سا ... ء نبيًا من قومه استهزاء

ورماهم بدعوة من فناء الـ ... ـبيت فيها للظالمين فناء

صناعة البوصيري لا تكاد تحس لجودة الأداء ورصانته وهيمنة جانب المعاني عليه مع نصوع الألفاظ -تأمل «فناء» بكسر الفاء وفتحها- والكاف والسين في البيت قبله- ومن قبل، الكبرى، كتابًا، كتيبة. ومن قبل حمته الحمامة، ولوضوح هذا وتواتره لا ينبغي أن نزيد على مجرد الإيماء إليه.

ثم نظم البوصيري نظم الخرز أسماء المستهزئين. ونحن الآن مع أحداث ما قبل الهجرة. وجعل في مقابلتها أسماء من تواطئوا على نقض صحيفة القطيعة التي كتبتها قريش:

خمسة كلهم أصيبوا بداء ... والردى من جنوده الأدواء

أي بداء قاتل.

فدهى الأسود بن مطلب أي ... عمىً ميت به الأحياء

فكان عماه من أسباب انكساره حتى قضى نحبه. وقوله «ميت به الأحياء» أشار به إلى قول الكوتي بن الرعلاء.

ليس من مات فاستراح بميت ... إنما الميت ميت الأحياء

إنما الميت من يعيش كئيبًا ... سيئًا باله قليل الرجاء

هكذا كان ابن مطلب.

ودهى الأسود بن عبد يغوث ... أن سقاه كأس الردى استسقاء

وأصاب الوليد خدشة سهم ... قصرت عنها الحية الرقطاء

هو الوليد بن المغيرة وهو الذي نزلت فيه: «إنه فكر وقدر» وفي عجز البيت شيء.

وقضت شوكة على مهجة العا ... ص فلله النقعة الشوكاء

أي القتلة الخشنة. وفي هذا البيت بعض القلق على حذق المجانسة بين أوله وآخره

<<  <  ج: ص:  >  >>