وهي كلمة طويلة حسنة في جملتها، لولا بعض الضعف والركاكة في تراكيبها. وفيها من نفس الرثاء ما يذكر بكلمة أبي زبيد - لا من حيث المعنى ولكن من حيث الأصل الذي نبع منه هذا الروي.
ولعل دالية حافظ هذه كانت مقدمة للداليات الرقيقات الكثيرات التي نظمت بعد، وكلها تنظر إلى كلام البحتري وبشار نحو دالية أبي القاسم الشابي التي يقول فيها:
كل شيء موقع فيك حتى ... لفتة الجيد واهتزاز النهود
وهي طويلة، وقد كانت إلى عهد قريب غرام المراهقين في المدارس، وقد كان المرحوم الشابي شاعرًا واعدًا لو قد أمهلته الأيام.
والشعراء الذين سلكوا هذه الدال المرققة لم يقفوا عند الخفض وحده في المجرى فقد استعملوا الرفع والنصب وكلاهما في شعر البحتري، وقد سارت في الرفع وحيدية ابن الرومي سيرورة قل أن تجارى. وهي مشهورة جدًا فلا داعي لإنشاد قطع منها هنا. وفيها بلا شك براعة في العرض، وتظرف في الوصف، وتفصيل حسن. غير أني -والحق أجدر أن يقال- لا أجد لها رنينًا في الصدر، ولا تلك الطنة التي إن فقدها الخفيف صار نغمة رتيبًا فاقدًا للبهاء، وإني لأطيل قراءتها ثم أستذكر أبياتها فلا يكاد يليق بالنفس منها شيء إلا قوله:
أهي شيء لا تسأم العين منه ... أم لها كل ساعة تجديد؟