للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهي من الكلمات المقدمات اختارها شيخ الأدب محمد بن يزيد المبرد، وقال في تقدمتها (١) (: "ومن حلو المراثي، وحسن التأبين شعر ابن مناذر، فأنه كان رجلاً عالماً مقدماً، شاعراً مفلقاً، وخطيباً مصقعاً، وفي دهرر قريب [يعني ومن المحدثين] فله في شعره شدة كلام العرب بروايته وأدبه، وحلاوة كلام المحدثين بعصره ومشاهدته ولا يزال قد رمى في شعره بالمثل السائر، والمعنى اللطيف، واللفظ الفخم الجليل، والقول المتسق النبيل، وقصيدته لها امتداد وطول ... قال يرثي عبد المجيد بن عبد الوهاب الثقفي، وكان به صبا (٢) واعتبط عبد المجيد لعشرين سنة من غير ما علة، وكان من أجمل الفتيان وآدبهم وأظرفهم، فذلك حيث يقول ابن مناذر:

"حين تمت آدابه ... اهـ."

هذا، وقد كان المبرد يورد القصيدة كلها على طولها، إذ بدأ الأمر بما كان يستحسنه من رثاء عبد المجيد، ثم ذكر طرقاً من المطلع [وهو ظاهر التأثر بأبي زبيد وبعدي بن زبيد العبادي في كلمته:

أين كسرى كسرى الملوك انو شروان أم أين قبله سابور]

ثم بعد ذلك جعل يورد البيت والبيتين منها - وهذا كله يدل على أنه كان عظيم الاستجادة لها، حريصاً أن يشاركه القارئ في هذه الاستجادة، وقد رأيت أن أورد الجزء الذي ذكره المبرد مؤخراً بدءاً، لأنه هو مقدمة القصيدة، وعسى أن يكون في هذا الترتيب الجديد ما يعطينا صورة واضحةً عن القصيدة كلها في صورتها الأصلية، لأن الكامل- بحسب ما أعلم - هو المرجع الوحيد لها، ولم يذكر صاحب رغبة الآمل


(١) الكامل ٢ - ٢٨٨.
(٢) قال ابن قتبية (الشعر والشعراء ٨٣٥): "كان (يعني ابن مناذر) في أول أمره مستورا حتى علق عبد المجيد بن عبد الوهاب الثقفي فانهك ستره، ولما مات عبد المجيد خرج من البصرة إلى مكة، فلم يزل مجاورا إلى أن مات" ا. هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>