للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله عنه إلا أن يحكم بما أنزل الله: {أفحكم الجاهلية يبغون} {ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله}.

وتعاطوا في أحمد منكر القو ... ل ونطق الأراذل العوراء

أي قبيح القول.

كل رجس يزيده الخلق السو ... ء سفاهًا والملة العوجاء

فانظروا كيف كان عاقبة القو ... م وما ساق للبذي البذاء

ثم افتن في باب من البديع استحسنه أبو منصور في شعر أبي الطيب، أن التشبيه فيه من جنس صناعته مثل:

دون التعانق ناحلين كشكلتي ... نصب أدقهما وضم الشاكل

ونحو: إذا كان ما تنويه فعلًا مضارعًا ... مضى قبل أن تلقى عليه الجوازم

وهو عند أبي الطيب كثير- وللبوصيري منه بدائع مثل قوله في البردة يذكر المعراج:

سريت من حرم ليلًا إلى حرم ... كما سرى البدر في داج من الظلم

وبت ترقى إلى أن نلت منزلة ... من قاب قوسين لم تدرك ولم ترم

وقدمتك جميع الأنبياء بها ... والرسل تقديم مخدوم على خدم

وأنت تخترق السبع الطباق بهم ... في موكب كنت فيه صاحب العلم

يذكر هنا صعود جبريل عليه السلام به يستفتح فيلقى الأنبياء نبيًا بعد نبي في سماء بعد سماء، وعندنا أن تغني المسلمين بالبردة كان له عظيم الأثر في محاكاتها لا من جانب شعراء المسلمين وحدهم ولكن من جانب شعراء النصارى كدانتي في قصته الإلهية وكان بين ميلاد دانتي (١٢٦٥ م) والبوصيري (٦٠٨ هـ) أكثر من نصف قرن، وذلك لأمر الأخذ والمحاكاة تمهيد كاف.

حتى إذا لم تدع شأوا لمستبق ... من الدنو ولا مرقى لمستنم

خفضت كل مقام بالإضافة إذ ... نوديت بالرفع مثل المفرد العلم

وهذا موضع استشهادنا.

وقال حيث ذكر الجهاد وفعل الصحابة رضوان الله عنهم:

هم الجبال فسل عنهم مصادمهم ... ماذا رأى منهم في كل مصطدم

وسل حنينًا وسل بدرًا وسل أحدًا ... فصول حتف لهم أدهى من الوخم

المصدري البيض حمرًا بعدما وردت ... من العدا كل مسود من اللمم

والكاتبين بسمر الخط ما تركت ... أقلامهم حرف جسم غير منعجم

كأنهم في ظهور الخيل نبت ربا ... من شدة الحزم لا من شدة الحزم

<<  <  ج: ص:  >  >>