للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهنا أيضًا يقوى ما نقول به من انتقال المدح من قصيدة مدح الملوك وذوي الجاه إلى المدح النبوي فقد أسلمت دلاؤهم فيه إلى صاحب دلوه.

إن لي غيرة وقد زاحمتني ... في معاني مديحك الشعراء

يعني شعراء الدنيا كأبي الطيب الذي أشار قبل إلى قول:

تملك الحمد حتى ما لمفتخر ... في الحمد حاء ولا ميم ولا دال

ثم يقول رحمه الله:

ولقلبي فيك الغلو وأنى ... للساني في مدحك الغلواء

أي لا يصح ذلك شرعًا كما فعل أتباع المسيح عليه السلام وأهل الكتاب الأول، أو لقلبي غلو في حبك أكبر من أن يقدر على البيان عنه لساني وهذا المعنى الثاني أشبه ويقويه ما يلي، وهو بيت جيد بالغ الجودة:

فأثب خاطرًا يلذ له مد ... حك علمًا بأنه اللألاء

أي مدحي لألاء الدر الذي هو فضائلك. وأصل هذا المعنى من أبي الطيب.

هنيئًا لك الدر الذي لي لفظه ... فإنك معطيه وإني ناظم

فنحو هذا من المعاني هو ما زعم البوصيري أنه غار منه.

حاك من صنعة القريض برودًا ... لك لم تحك وشيهًا صنعاء

أعجز الدر نظمه فاستوت فيـ ... ـه اليدان الصناع والخرقاء

وهذا البيت يشهد لما ذكرنا من نظره رحمه الله إلى أبي الطيب.

فارضه أفصح أمرئ نطق الضا ... د فقامت تغار منها الظاء

والضاد والظاء حرفان في العربية كل منها مستقل بنفسه متميز ونطق الظاء غير مشكل إشكال نطق الضاد فبيان الضاد في النطق الفصيح حتى لا يشتبه أمرها بالظاء مما أغارها إذ النبي صلى الله عليه وسلم سيد الفصحاء، ونطق الضاد عنده لفصاحته لا يختلط بالظاء. وقد مر الحديث عن مقال صاحب المقامات. في هذا الباب.

<<  <  ج: ص:  >  >>