وفي آخرها يقول وقد صدق إذ لم يجد في شعر كما أجاد في مدحه صلى الله عليه وسلم.
ومنذ ألزمت أفكاري مدائحه ... وجدته لخلاصي خير ملتزم
ولن يفوت الغنى منه يدًا تربت ... إن الحيا ينبت الأزهار في الأكم
وهذا نفس من المغرب والأندلس.
ولم أرد زهرة الدنيا التي اقتطفت ... يدا زهير بها أثنى على هرم
يا أكرم الرسل ما لي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العمم
يا نفس لا تقنطي من زلة عظمت ... إن الكبائر في الغفران كاللمم
لعل رحمة ربي حين يقسمها ... تأتي على حسب العصيان في القسم
يا رب واجعل رجائي غير منعكس ... لديك واجعل حسابي غير منخرم
وقد كان في عمل الحساب دهرًا رحمه الله فعبارة منخرم من عمل المحاسبين واصطلاحهم.
والطف بعبدك في الدارين إن له ... صبرًا متى تدعه الأموال ينهزم
وائذن لسحب صلاة منك دائمة ... على النبي بمنهل ومنسجم
ما رنحت عذبات البان ريح صبًا ... وأطرب العيس حادي العيس بالنغم
والمادحون المترنمون بالبردة جعلوا صلاتها:
يا رب صل وسلم دائمًا أبدا ... على حبيبك خير الخلق كلهم
وكسر الهاء والميم مذهب أبي عمرو في القراءة وفي هذا الحرف وجوه ذكرها ابن جني كلها في المحتسب.
والمادحون المترنمون بالبردة يضيفون إلى آخرها:
وهذه بردة المختار قد ختمت ... يا حسن مبتدأ منها ومختتم
في أبيات يذكرون بها عددها مع طلب المغفرة والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورحم الله الإمام أبا عبد الله محمد بن محمد بن سعيد البوصيري ونفعنا ببيانه وصدقه وبركته وهذا الشعر الدر النفيس الذي هو من مفاخر العربية وحضارتها ومما حفظت وتحفظ به المعجزة إن شاء الله تعالى.