للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد يحلو الحديث في المديح ويود المفيض فيه ألا يغادر من كبار شعرائه أحدًا كابن الجنان الأندلسي وابن نباتة المصري والشهاب محمود ولم نظفر بخبر ابن أبي الخصال الأندلسي إلا بآخرة. وقد قام بعض فضلاء المغاربة بالتنويه بأمره بدرسه منذ زمان قريب فوفاه بذلك بعض حقه إن شاء الله تعالى في هذا الباب. وقد أورد صاحب المجموعة النبهانية للشهاب محمود أمثلة كثيرة طيبة. ونكتفي هنا بأبيات من همزيته التي جاراها شوقي.

ما آذنته ببينها أسماء ... فنقول ثاو مل منه ثواء

لكنه ذكر الحمى فتقاسمت ... أحشاءه الأشجان والبرحاء

متوقد الزفرات تطفئ وجده ... المامة بلوى الحمى لا الماء

وكأن شوقيًا نظر إلى ههنا في الهمزية المفتوحة التي رثى بها عمر المختار حيث قال:

إن البطولة أن تموت من الظما ... ليس البطولة أن تعب الماء

وبيت الشهاب فيه صناعة حسنة: المامة- بلوى الحما- لا الماء جعلنا الحمى بألف للتنبيه على الشبه بينها وبين الماء.

أضحى لقا في الحي ليس يقيمه ... إلا اللقاء وما هناك لقاء

يهوى الملام لذكرهم وهو الذي ... يشجيه فهو دواؤه والداء

هذا أخذه من أبي الطيب «أأحبه وأحب فيه ملامة» البيت.

ويروقه حر الهواجر في السري ... نحو الحمى فلهيبها أنداء

وإذا جرى ذكر العقيق جرى له ... دمع حكاه إذ الدموع دماء

وهنا مدخل الخروج إلى المديح لأن العقيق بالمدينة حرسها الله:

يا حبذا وادي العقيق وحبذا ... بقبا ظلال الدوح والأفياء

ومسارح بين النخيل تأرجت ... منها بعرف نسيمها الأرجاء

فكأنما في كل أرض بالحمى ... مغني غنى أو روضة غناء

لا يرتوى صادى الهوى إلا إذا ... لحظته منها عينها الزرقاء

العين الزرقاء بالمدينة وهنا تورية بزرقاء اليمامة وبالعين الباصرة كما لاحظ النبهاني رحمه الله في هامشه.

<<  <  ج: ص:  >  >>