للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا بدا باب المصلى بان من ... تلك القباب أشعةً وضياء

ثم يقول:

طوبى لمن أضحى بطيبة داره ... وله بها الإصباح والإمساء

دار الهدى والمنزل الرحب الذي ... كانت به تتنزل الأنباء

ومقام خير العالمين بأسرهم ... عند الإله ومن له الإسراء

هل بالنهار وقد جلا ظلم الدجى ... للناظرين إذا رأوه خفاء

ذو المعجزات الباهرات تميزت ... عن أن يميز وصفها الإحصاء

يا قاصدا ما ليس يدرك حصره ... من وصفه ما لا ينال عناء

فاتت مدائحه القصائد فاقتصد ... يغنيك عن تصريحك الإيماء

هل يبلغ الشعراء شيئًا؟ قد أتت ... بصفاته الأحزاب والشعراء

قوله قد أتت مستأنف وليس بصفة لقوله شيئًا فتأمله، إذ لا يريد أن يصف النبي صلى الله عليه وسلم بأنه شيء وصفته الأحزاب والشعراء وإنما يريد أن الشعراء لا يبلغون من شيء في نعته، وفي الاستفهام معنى النفي.

الأمر أعظم أن يحاط بكنهه ... ما ذاك مما تبلغ البلغاء

صلى عليه الله ما سرت الصبا ... فوق الربا وتلاقت الأنواء

ولكن الشهاب رحمه الله دون الثلاثة الذين ذكرنا في حاق رنين إيقاع المدح النبوي ودون الوتري وليس له رقة ابن الخطيب، إلا أنه فصيح العبارة قوى نفس الخطابة وله صناعة أحيانًا محكمة والله تعالى أعلم.

هذا وقد جمعت المجموعة النبهانية كثيرًا من جياد النبويات وهي عمل يدل على توفر وإتقان وصحبه توفيق من المولى سبحانه وسداد. غير أنه اعتمد سوى ما اشتهر من أمر البرعي رحمه الله على شعراء الديار الشامية والمصرية والعراق ومن جمع منهم صاحب النفح والأزهار. وقد صدق إذ ذكر ما معناه أن مديح النبي صلى الله عليه وسلم في كل عصر وفي كل قطر من أقطار الإسلام وعصوره وقد نظرت فلم أجد في المجموعة نونية كنت لي بها عهد وهي من أولها:

إن لمع البرق من خيف منى ... جدد الوجد وهاج الحزنا

كلما طرز أثواب الدجى ... لمعه أحرم عيني الوسنا

<<  <  ج: ص:  >  >>