قال الأستاذ الفاضل السحرتي عن هذه الموشحة الحديثة: إنها من "أمثلة الموسيقى المتوائمة مع موضوعها" وأنا أوافقه بحسب ظاهر لفظه، ولكني أخالفه حين يأخذ في باب من أبواب الباطن ويزعم -مفسرًا لما قدمه- أن في هذه القطعة نوعًا من الموسيقي اسمه:"المنخفض الأنغام".
موضوع هذه القصيدة أو الموشحة، هو تصوير فتاة تشير إلي فتاها بطرف ردائها، ليتبعها إلى الجزيرة، إلى حديقة "مورو" ليختفي معها بين الأشجار، ويقطف زهر حسنها و"طلع" روائها! وهذا موضوع من النوع الجنسي السطحي الذي لا يصلح له نوع من الموسيقي -إذ تُغُنِّي فيه- "إلا الجاز". (وليست موسيقى الجاز بمنخفضة الأنغام) وطريقة التقفية في هذه القطعة، ونغمة الوزن، وتفاهة الكلمات، كل ذلك "جازي" كأسمج ما تكون "الجازيات". ودونك فوازن بين قوله "أشير إليك -بطرف ردائي- تعال ورائي" وبين قول الجازيّ الأوروبّي:
You and I,
On the five forty- five
We shall not be disturbed,
This compartment is reserved.
لتدرك إلى أيّ حد تلتقي طرق التفكير عند الجازيين الذين لا يهمهم إلا التعبير السطحي عن الجنسية السطحية. فتاة "أشير إليك" تدعو بطرف ردائها إلى الحديقة "مورو" وهي حديقة "مودرن" صالحة للاختباء فيما يبدو. والشاعر أو الساجع الأوربي أو الأمريكي يطمئن فتاته بأنها معه في "قمرة" محجوزة، لا يصل إليها الإزعاج. وعندي أن مذهبه أسلم من مذهب صاحب "أشير إليك" لأنه وقف من المرأة موقف الداعي -وهذا من مذاهب الرجولة- وصاحب "أشير إليك" جعل صاحبته داعية ومبتدئة، فهذا يحملك على أن تسيء بها الظن.