وأظنك لم يخف عليك أيها القارئ الكريم مكان الزركشة والتكلف في قوافي هذه المسمطة: ردائي - ورائي- نقضي- روضي- أمضي- اصطحبني- مني ... إلخ.
ودونك مثالا آخر من التسميط العصري "نفسه ١٢٠":
خمر شبابٍ رطيب ... معصورة من قلوب
في القبلتين وآه ... من طعمها أسكريني
أنشودة في السكون ... يطوي بريق العيون
فيها فتور الجفون ... لو رددتها الشفاه
في لثمها بادليني
وهذه السجعات تشبه عندي ما رواه لي صديقي الفاضل الدكتور محمد الحسن أبو بكر، من أن بعض الناس سمع لأول مرة صوت فتاة سودانية تلقي كلمة من مذياع أم درمان، فكسر من صوتها، وألهمه ذلك أن يقول:
بالمكرفون ... كان حاجه بون ... "أي جميلة"
نغم مؤنث بارتجال
هذا ويزعم الأستاذ السحرتي، بمعرض الحديث عن المسمطة التي أوردناها، أن صاحبها قد تحرر من عبودية القافية، فتأمل! إن المرء ليرتعد إلى مخ عظامه (كما يقول الإنجليز) حينما يفكر في مقدار العناء الذي بذله صاحب هذه المسمطة ليصطاد كلمة "الشفاه" حتى يناسب بها "آه" وكلمة "بادليني" ليقابل بها "أسكريني" والكلمات سكون- عيون- جفون- متوالية- في هذا النسق، وفي تلك الأشطار القصار التي التزمها.