للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لتلبد شعره وكأنه أطباق رمل ندي لبدها الصاعدون عليها. ومن دقيق براعة اتصال بيان الشاعر ههنا أنه خلص من صفة رأس صاحبه الكثيف الشعر المتلبد شعره إلى صفة رأس الجبل الذي صعده وكأن قمته سنان رمح متلهب في حر شمس الصيف وكأن نعامته قزع متفرقات في مقابلة ما تقدم من صفة لبدة الشعر الكثيف ثم انتقل من صفة رأس الجبل ورأس صاحبه إلى صفة عدوه وقدميه هو وهذه النعل الخلق الشرثة الشبيهة بنعامة قنة الجبل المحراق الضحيانة.

ثم عاد إلى خطاب صاحبة الطيف وجعلها عذالة خذالة. ومع اتصال الكلام هنا عنصر من تداعي المعاني إذ النعل من ألفاظ تطلق على الزوجة ألغز بها الحريري في إحدى المقامات ويذكر مع ذلك الوطء -فما يخلو أن شبه العذالة الشرسة بالشرثة الخلق- وقد تعلم قول رؤبة من بعد:

يأوى إلى سفعاء كالثوب الخلق

ومن القصار المتصلات التسلسل نونية المرار في النخل:

وكائن من فتى سوء تراه ... يعلك هجمة سودا وجونا

وقد ذكرناها في باب الصفات وفيها اثنا عشر بيتًا.

ومن ذوات التسلسل مع توسط دالية عمرو بن معد يكرب الحساسية:

ليس الجمال بمئزر ... فاعلم وإن رديت بردا

إن الجمال معادن ... ومناقب أورثن مجدا

أعدت للحدثان سا ... بغةً وعداءً علندى

وفيها خمسة عشر بيتًا، والكلام فيها أخذ بعضه برقاب بعض.

نهدًا وذا شطب يقد البيض والأبدان قدا

يعني فرسه وسيفه الصمصامة.

وعلمت أني يوم ذاك منازل كعبًا ونهدا

ونهد اسم قبيلة هنا رده على نهد الذي هو فرسه، ثم وصف عدوه بكمال الاستعداد.

قوم إذا لبسوا الحديد تنمروا حلقا وقدا

فالحلق الدروع والقد التروس أو كساء يدرع به من جلد.

كل أمرئ يجرى إلى ... يوم الهياج بما استعدا

ومن عند هذا الموضع صار إلى ذكر صفة القتال، وكيف أن خوف النساء وأخذهن في

<<  <  ج: ص:  >  >>