ومن هذا الضرب المتوسط نونية العدواني إن لم نعد نسيبها.
ومن ذوات التسلسل مع الطول عينية متمم وهي من مشهور الشعر وقد استشهدنا منها بأبيات عدد والشعر الجيد مما يعذب على التكرار. والقصيدة كلها متسلسلة الأبيات في ضوء فكرة واحدة هي الفجيعة بأخيه مالك. وفيها واحد وخمسون بيتًا. من البيت الأول إلى العاشر عدد متمم فضائل أخيه. أول ما بدأ به أنه كما قال:
لعمري وما دهري بتأبين هالك ... ولا جزع مما أصاب فأوجعا
فنفى أن يكون مراده محض التأبين أو أنه جزع مع أن المصاب موجع، ولكن الفقيد قد كان امرأ ذا فضائل يعظم فقده من أجل فقد نظيرهن عند غيره من بعده.
لقد كفن المنهال تحت ردائه ... فتى غير مبطان العشيات أروعا
وقد عجل إلى ذكر المنهال لينوه بفضيلة ما أسدى من يد الوفاء حيث كفن مالكًا ولم يخش أن يؤخذ عليه ما أبدى من المروءة. ثم أخذ متمم أولًا في تعداد الجانب السلبي من مآثر أخيه -فتى غير مبطان- ولا برما وقابل ذلك بجانبه الإيجابي وما يناقضه عند غيره -لبيبًا خصيبًا- يهتز للندى.
ويومًا إذا ما كظك الخصم إن يكن ... نصيرك منهم لا تكن أنت أضيعا
وإن تلقه في الشرب لا تلق فاحشًا ... على الكأس ذا قاذورة متزبعا
ذو القاذورة هو الذي يترفع عن الناس والمتزبع البخيل السيء الخلق وقالوا ذو القاذورة المتزبع هو الذي فيه فحش وسوء خلق.
وإن ضرس الغزو الرجال رأيته ... أخا الحرب صدقًا في اللقاء سميدعا
وما كان وقافا إذا الخيل اجحمت ... ولا طائشًا عند اللقاء مدفعا
ولا بكهام بزة عن عدوه ... إذا هو لاقي حاسرًا أو مدرعا
أجحمت بتقديم الجيم أي جبنت. بزه سلاحه. كهام، كليل غير قاطع، مثل هذا خليق أن تبكيه البواكي وذلك لأنه سيحس فقده، زمان الشتاء وعند اجتماع الشرب وفي ساحة الحرب وإذا طرق الضيف وإذا عز فداء الأسير وللأرامل والأيتام وعندما يدعى إلى الميسر.
إذا جرد القوم القداح وأوقدت ... لهم نار أيسار كفى من تضجعا