أي أتم العدد واحتمل ما يكون في ذلك من خسارة وغرم
وأن شهد الأيسار لم يلف مالك ... على الفرث يحمي اللحم أن يتمزعا
وعل شيئًا من ذلك كان يصنعه كثير ممن يشهدون الميسر من أهل البخل أو الحرص.
وإذ هكذا سيحس فقد مالك فلماذا يصبر هو- أليس مثل هذا الفقيد مما تنفطر معه الأفئدة ويستعذب الجزع؟
ثم أليس هو بأولى الناس ألا يصبر على فقده من بعده؟
أبي الصبر آيات أراها وأنني ... أرى كل حبل بعد حبلك اقطعا
وأني متى ما أدع باسمك لا تجب ... وكنت جديرًا أن تجيب وتسمعا
أخذ من عند البيت السابع عشر إلى الثاني والعشرين في حديث فجعه هو خاصة:
وعشنا بخير في الحياة وقبلنا ... أصاب المنايا رهط كسرى وتبعا
ههنا نفس «أينى» يروم سبيل الحكمة والعزاء.
فلما تفرقنا كأني ومالكا ... لطول اجتماع لم نبت ليلة معا
وكنا كندماني جذيمة حقبة ... من الدهر حتى قيل لن يتصدعا
فإن تكن الأيام فرقن بيننا ... فقد بان محمودًا أخي حين ودعا
شبه حالهما بندماني جذيمة لأن هذا كان ملكًا وأصاب نديميه بنزوة غضب من نزوات الملوك. فشبه متمم أمر خالد بذلك. ثم تأمل أيها القارئ الكريم أنه في الأبيات المتقدمات تناول أمر المصاب من جوانبه التي تعم العشيرة، ثم جعل يخصص حتى صار إلى نفسه وما فجع به من فراقه بعد طول المودة والاجتماع. ثم بعد أن استوثق من أنه قد قرر عندك فضائل مالك وعظيم فقده قرن ذلك بتصريح موجز جمع فيه بين الحزن والاعتزاز.
فقد بان محمودًا أخي حين ودعا
هو أخي وهو محمود -نعم إنه قد بان وقد فارق وفارقناه- وانفرط عقد البكاء:
أقول وقد طار السنا في ربابه ... وغيث يسح الماء حتى تريعا
بكى الشاعر واسترجع بعد الزفرات ثم جعل يحيى أخاه بتحية الوداع وهي السقيا تعم البلاد وتخص المكان القفر الموحش الذي هو تربته.
سقى الله أرضًا حلها قبر مالك ... ذهاب الغوادي المدجنات فأمرعا