وظلت بي الأرض الفضاء كأنما ... تصعد بي أركانها وتجول
فهذا شاهد بالجزع، وقريب في الدلالة من قول المرقش:
صحا قلبه عنها على أن ذكره ... إذا خطرت دارت به الأرض قائما
وما أجود قول أمرئ القيس في تائيته: «غشيت ديار الحي بالبكرات» حيث قال:
ظللت ردائي فوق رأسي قاعدًا ... أعد الحصى ما تنقضي حسراتي
وقال ابن قيس الرقيات وذكر النوائح:
تبكي لهم أسماء معولة وتقول سلمى وافجيعتيه
وقال الهذلي:
فليس كعهد الدار يا أم مالك ... ولكن أحاطت بالرقاب السلاسل
وهذا في كلمة رثاء والمعنى قريب مما ذهب إليه متمم بن نويرة وهو سابق له لأن أبيات هذا الرثاء قيلت بعد حنين وقبل زمان الردة.
وقد جعل الشنفري مكان خطاب أم مالك وابنة العمري وما أشبه خطابه للضبع حيث قال:
لا تقبروني إن قبري محرم ... عليكم ولكن أبشرى أم عامر
إذا احتملوا رأسي وفي الرأس أكثري ... وغودر عند الملتقى ثم سائري
هنالك لا أرجو حياة تسرني ... سجيس الليالي مبسلا بالجرائر
هذا.
ثم إن متممًا يعود فيقرر أنه متجلد ويتبع ذلك معاني من الحزن وجراح الفؤاد.
فلا فرحًا إن كنت يومًا بغبطة ... ولا جزعًا مما أصاب فأوجعا
أما قوله «ولا جزعا مما أصاب فأوجعا» فقد مر من قبل ودلالته معلومة ولكن ما مراده من قوله «فلا فرحًا إن كنت يومًا بغبطة» - أين مكان الغبطة هنا؟ أتراه يرد مقالته هذه على ما كان قال من قبل:
أراك حديثًا ناعم البال أفرعا
وذلك في زمان مضى قبل عهد الفجائع؟
لا ريب أن هذا الكلام مردود على قوله:
. بزوار القرائب أخضعا