للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحا القلب عن سلمى وقد كاد لا يسلو

فيه إشعار بتقدم سنه وأنه رجل جد وذلك ابتداءً حسن في معرض الصلح بعد حرب داحس.

وقوله:

صحا القلب عن سلمى وأقصر باطله ... وعرى أفراس الصبا ورواحله

فيه أيضًا الإشعار بالجد. وأي جد، إذ المدح كان مجال التزيد والكذب، وقد عرف زهير بالصدق فيه وبالحكمة -فكأنه بمثل هذا المطلع يقرع الأسماع أن تصيخ لما سيقول مما ليس من سبيل الباطل ولا منحاه- قال الدكتور طه حسين في حديث الأربعاء بعد أن أورد الأبيات الثلاثة التي تلي هذا البيت.

وأقصرت عما تعلمين وسددت ... على سوى قصد السبيل معادله

وقال العذارى إنما أنت عمنا ... وكان الشباب كالخليط نزايله

فأصبحن ما يعرفن إلا خليقتي ... وإلا سواد الرأس والشيب شامله

«فهو هنا يفسر إعراضه عن اللذة وإقصاره عن اللهو وإقباله على الجد».

وقال بشامة بن الغدير وهو خال زهير وأستاذه الذي علمه الشعر.

هجرت أمامة هجرًا طويلًا ... وحملك النأي عبئًا ثقيلًا

وحملت منها على نايها ... خيالًا يوافي ونيلا قليلا

فأشعر بأمر لا يخلو مما يكره.

قال المسيب بن علس:

أرحلت من سلمى بغير متاع ... قبل العطاس ورعتها بوداع

قبل العطاس أي بخلس قبل أن تستبين العواطس وهي ما يراه المرء مما يكره فيتشاءم به.

من غير مقلية وإن حبالها ... ليست بأرمام ولا أقطاع

فدل بهذا المطلع أن رحيله من أجل حاجة يلتمسها، مكسب من مال أو جاه.

والمسيب خال الأعشى ومنه تعلم صنعة التكسب بالشعر.

ثم يقول علقمة يثني على هذه التي طحا قلبه إليها طربًا بعد أن شاب لداته:

<<  <  ج: ص:  >  >>