للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا إن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تمثلت بهذا البيت لما رأت مجتلد القوم حولها يوم الجمل، ولله ما كان أعظم تلك من فتنة. ولا ريب أن الذين ثبتوا حول الجمل صنعوا ذلك لعلمهم أن صاحبته زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنها أم المؤمنين- فعنه صلى الله عليه وسلم لا عن ذات شخصها كانوا يقاتلون. هذا مكان الفتنة واشتباه الأمر على الناس. ليقضي الله أمرًا كان مفعولا. ولله الأمر من قبل ومن بعد.

ثم تجيء من بعد الصورة الفنية الرائعة لمشهد القتال بما فيها من الحركة والهول والمخافة والأحزان.

كأن رجال الأوس تحت لبانه ... وما جمعت جل معًا وعتيب

هذا يصف به إشراف فارس الجون وإحداق جنده الراجلين به، كأنهم تحت لبان هذا الحصان المشرف كلهم أجمعين.

ثم مناظر الحرب وغبارها وأصوات المنايا فيها من فارس مجدل وفرس عقير.

رغا فوقهم سقب السماء فداحض ... بشكته لم يستلب وسليب

أي هدرت عليهم رعود الحرب وهوت صواعق الأقدار. وسقت السماء فالسقب هو البعير الصغير وههنا إشارة إلى خبر فصيل ثمود وذلك أنهم لما عقروا الناقة صعد الفصيل ورغا ثلاثًا -فكان هلاكهم بعد ثلاثة أيام. فسقب السماء هنا علم للكارثة- قال الشارح قال الرستمي قال يعقوب ضرب ثمود لهم مثلًا أي هلكوا أي نزل بهم من الشؤم ما نزل بأولئك.

كأنهم صابت عليهم سحابة ... صواعقها لطيرهن دبيب

أي ما أفلت فلم تصبه الصواعق لم يقدر إلا على الدبيب من هول الصواعق ولم يستطع أن يطير.

فلم ينج إلا شطبة بلجامها ... وإلا طمر كالقناة نجيب

وإلا كمي ذو حفاظ كأنه ... بما ابتل من حد الظبات خضيب

هذا الكمي هو فارس الجون. فتمت صورة القتال. وعاد بنا إلى مشهد إشراف الفارس المنتصر الذي قد كان بدأ به.

<<  <  ج: ص:  >  >>