للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت ... إلى حمام سراع وارد الثمد

والقمد بالتحريك الماء القليل وفي دراجتنا «التمد» بصيرورة الثاء تاء، وزعموا أن محمد أحمد المهدي رحمه الله سأله أصحاب الطرق ما يصنعون بطرقهم إن تبعوه فقال لهم ما معناه وبعض لفظه «من كانت له تمده وجاءه البحر الكبير فماذا يصنع؟ »

وفتاة الحي هي زرقاء اليمامة وذكرنا من خبرها. وهذا معطوف على قول الإله قبل: «قم في البرية فأحددها» «وخيس الجن»، أفعالا لأمر- أي واحكم بنظر ثاقب بعيد كما صنعت زرقاء اليمامة إذ قالت حين رأت الحمام وقد عرفت عدته:

ليت الحمام ليه

إلى حمامتيه

ونصف قديه

تم الحمام ميه

فحسبوه فألفوه كما حسبت ... تسعا وتسعين لم تنقص ولم تزد

أي تسعا وتسعين بعد إضافة النصف إذا كان عدد الحمام ستا وستين فبإضافة حمامتها يصير مائة، ولعل الرواية الصحيحة «ستا وستين لم تنقص ولم تزد» ولكن هكذا هو في النصوص «تسعًا وتسعين» والدلالة واضحة على كل حال.

أمن آل مية رائح أمغتدى

وهي المتجردة.

ومهما يكن من شيء فعقد الكلام متصل إذ قد رجع النابغة إلى ما بدأ به حيث قال: أعطى لفارهة حلو توابعها»، إذ سياق الكلام هكذا.

ولا أرى فاعلاً في الناس يشبهه ... ولا أحاشي من الأقوام من أحد

أعطى لفارهة حلو توابعها ... من المواهب لا تعطى على نكد

ففصل بين مفعول الرؤية الأول ومفعولها الثاني بتقديم ما استثناه وهو سليمان عليه السلام وما قصه من أمر الإله، وأقحم فتاة الحي لسببين، للإشارة الخفية إلى المتجردة، وللإلماع بأنه مظلوم، وأن على النعمان أن يحكم فيه هو الحكم المنصف المبني على صدق النظر، وإذ جريرته ما كان فيه من وشاية من وشى به إما في أمر قصيدة المتجردة وإما في ما زعموه أنه هجاه قال: «وارث الصائغ الجبان الجهولا» يعرض بأمه سلمى بنت

<<  <  ج: ص:  >  >>